شهادة وطن: كلمة الأستاذ عبدالوهاب حسين أمام محكمة الإستئناف العليا

بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية

أشكر السادة أصحاب السعادة القضاة على الإذن لي بالكلام في هذه المحكمة وأرجوا أن تتسع صدورهم لكلامي لكي أشرح خلفيات وحيثيات قضيتي وأدافع عن نفسي .

أولا : استهدافي أمنيا بسبب آرائي السياسية المعارضة للسلطة:

أنا ناشط سياسي معارض للسلطة في البحرين وقد استهدفتني السلطة بسبب آرائي السياسة المعارضة لها ، لمطالبتي بالإصلاح الدستوري و القانوني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البحرين باالأساليب السلمية .وقد حرصت على الجهر بآرائي ونشرها للرأي العام ، فتعرضت بسبب ذلك الى المراقبة والمضايقات الأمنية واعتقلت في التسعينات من القرن الماضي مرتين ، المرة الأولى لمدة 6 أشهر من 17\مارس\1995 الى 10\سبتمبر\1995 ، والمرة الثانية لمدة 5 سنوات من 14\يناير\1996 الى 5\فبرير\2001 ، قضيتها في السجن الانفرادي وشبه الانفرادي وبمعزل تام عن سائر المعتقلين ، وذلك تحت طائلة قانون أمن الدولة سيء الصيت.

 وفي المرحلة الأمنية التي سبقت ثورة 14\فبراير وعرفت باسم الخلية الارهابية وضمت 25 ناشطا سياسيا وحقوقيا ، كنت قد وضعت في هيكلية او خارطة الأسماء والصور التي نشرتها جريدة الوطن البحرينية على رأس القائمة ، الا انه لم يتم اعتقالي لاسباب أجهلها ، ولكني كنت بحسب تصريحات المحامين من الشخصيات المستهدفة اثناء التحقيقات مع المتهمين ، وهذا ماعلمته ايضا من بعض المتهمين ، وقد تم الافراج عن المتهمين في هذه القضية بعد تفجر ثورة 14\فبراير ثم أُعيد اعتقال معظمهم بعد 21 يوما من الافراج عنهم وضموا الى هذه المجموعة . وعن نفسي ، فانه بعد ثورة 14\فبراير قد زادت درجة الاستهداف الامني لي من قبل السلطة ، وذلك بسبب الدعم السياسي الذي أظهرته لمطالب الثورة الاصلاحية ، وكان لي شرف المشاركة في اول مسيرة خرجت في14\فبراير\2011 بعد صلاة الفجر من مسجد الشيخ احمد في قرية النويدرات الى الدوار على الشارع الرئيسي في مدخل القرية ، وكان المشاركون في المسيرة يطالبون بالاصلاحات الدستورية والسياسية ، وكانت المسيرة في غاية السلمية والحضارية ، حتى انه لم يرم المشاركون في المسيرة ولا غيرهم حجرة واحدة أو غيرها على قوات الشغب ، استخدمت قوات الشغب للقوة المفرطة ضد المشاركين في المسيرة ، وكان فيها اطفال ونساء وكبار في السن ، وقد أشار بسيوني الى هذه المسيرة في تقريرة (الفقرة 202) .

ثانيا: نصوص من تقرير بسيوني حول ثورة 14\فبراير:

في 640 قال: ( فان المطالب والدعاوي للقيام باصلاحات سياسية واقتصادية اجتماعية في البحرين ليست بجديدة ، وإنما تأتي تكملة لمطالب ومظالم عبر عنها البحرينيون في فترات تاريخية سابقة ).

في 641 قال: ( فان البحرين قد تاثرت بما أصبح يعرف عامة بالربيع العربي ، ورغم ان كل دولة ومجتمع عربي تأثر بهذه الأحداث والتطورات بشكل مختلف ، إلا أن الثابت أن الربيع العربي شجع شعوب عربية ، ومنها البحرين على الإعراب عن مظالمهم ومطالب اصلاحية كانت مكبوتة لفترات طويلة ، وبعكس الاضطرابات الشعبية التي شهدتها البحرين في فترات تاريخية سابقة ، لم تكن الاحتجاجات التي بدأت في 14\فبراير مدبرة من قبل جمعيات سياسية معارضة ذات طابع مؤسسي ، وقادتها شبكات من شباب غير مسيس وغير منتمي لأي جماعات سياسية ولكنه احس بالغضب ازاء الاحوال في البلاد ).

وقال في نفس الفقرة : ( كما تجدر الاشارة الى أن المطالب التي رفعت عبر عنها خلال التظاهرات التي بدات يوم 14\فبراير\2011 ….. على الاقل في بداية الامر ، بدرجة عالية من الدعم الشعبي الذي تجاوز الحدود الدينية والطائفية والعرقية ) .

في 642 قال : ( وتمتد جذور التظاهرات التي بدأت في الرابع عشر من فبراير والى عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، خلال هذه العقود وقبل ظهور وسائل الإتصال والتواصل الإجتماعي الحديثة ، تظاهر العديد من البحرينيين للمطالبة بحقوقهم السياسية والاقتصادية والإجتماعية ، وفي بداية الأحداث في البحرين وكما حدث في عقود سابقة ، كان المطلب الاساسي هو إجراء الإصلاحات ، وليس تغيير النظام ، وهو ماكان عليه الحال في المراحل الاولى من المظاهرات والاحتجاجات التي جرت في كل من تونس ومصر وسوريا اليمن ، ولكن كما بينت التجربة ، فإنه عند عدم الاستجابة لمطالب الاصلاح ، فان الأمر يتطور ويرتفع سقف المطالب ليكون المطلب هو تغيير النظام ، ويتعرض المجتمع لحالة من الاستقطاب او التطرف ) .

في650 قال : ( وإلا أنه وعلى الرغم من ارتفاع سقف مطالب المتظاهرين وقيامهم بتوسيع اماكن تجمعاتهم الا ان التظاهرات ظلت تتسم بالطبيعة السلمية ) .

في 661 قال : ( وقد ساهمت المواجهات العنيفة للمتظاهرين وعدم تجاوب الحكومة مع مطالبهم في تأجيج الغضب في الشوارع ، وتسبب في وقوع المزيد من التصادمات بين المتظاهرين و الشرطة ) .

التعليق:

 هذه النصوص ايها السادة تثبت تجذر التظاهرات والمطالب الشعبية العادلة في البحرين ، وأنها تمتد لفترات تاريخية سابقة ، وأن تظاهرات 14\فبراير اتسمت بالطبيعة السلمية ، وتحمل السلطة مسؤولية العنف وارتفاع سقف المطالب الشعبية ، وتنفي مسؤولية القوى السياسية من التحريض ، الامر الذي يشمل هذه المجموعة ، مما يترتب عليه اسقاط كل التهم الباطلة لهم بتشكيل التنظيم والتحريض على العنف لاسقاط النظام .

ثالثا : القبض العنيف ( من لحظة القبض حتى مكان الحبس المجهول ):

لقد تم القبض علي في يوم 17\مارس\2011 في وقت متأخر من الليل قبل الفجر ، وكان القبض عنيفا للغاية حيث كسرت القوات الباب الخارجي للمنزل ، ودخلت عنوة الى البيت ، وقاموا بطرق الباب الداخلي بعنف شديد افزع من كانوا في البيت ، وحاولوا كسره ، إلا أني تمكنت من فتحه قبل أن يتمكنوا من كسره ، وما إن فتحت الباب حتى تناولتني أيدي الملثمين الذين ملؤوا المكان بالصفع واللكم ، وتم جري بقسوة الى خلف الباب ، واستمروا في الصفع واللكم والرفس بالأرجل وعليها الأحذية ، وقد قاموا بضرب رأسي بالجدار حتى شج جبيني فوق الحاجب الأيسر ، وسالت مني الدماء حتى لطخت ملابسي ، وتم تعصيب عيني وتقييد يدي الى الخلف بسلك ، واخذت الى سيارة مدنية صغيرة كانت متوقفة في مكان قريب من منزلي ، وكنت أتعرض الى الصفع واللكم والرفس حتى تم إدخالي الى السيارة في المقعد الخلفي ، وجلس أحدهم عن يميني وآخر عن يساري وكانوا يمارسون مهمتهم في الضرب والشتم ، وبقيت في السيارة لمدة ساعة تقريبا ، ثم أُخذت الى مكان مجهول .

 وكنت طوال الطريق اتعرض في داخل السيارة للصفع واللكم والشتم الذي شملني شخصيا وشمل عرضي وزوجتي وأمي وبناتي وطائفتي ورموزي الدينية ، وكان الضابط بدر الغيث قائد القوات كما عرفت اثناء شهادته في المحكمة العسكرية بشان قبضه على الحقوقي عبدالهادي الخواجة احد افراد هذه المجموعة حيث ذكر انه تولى ايضا القبض علي ، يصفعني ويقول ، هذه عن الملك وهذه عن رئيس الوزراء، وهذه عن وزير الدفاع، وهذه عن وزير الداخلية، ونحو ذلك.

 وقد استمرَّ الصفع حتى أنزلوني من السيّارة في مكانٍ أجهله إلى الآن، وبمجرد إنزالي من السيّارة طرحوني أرضاً وتجمّعوا عليَّ رفساً بالأرجل وعليها الأحذية. كان أحدهم يقول ويكرِّر: لولا الأوامر لم يخرج من بيتهِ إلا ميتاً. ثمَّ أدخلوني إلى “المكان”، وأُجلستُ على كرسيٍّ مدة تزيد عن الساعة، ثمَّ أخذتُ إلى شخص قال عن نفسه بأنه طيّب، وأنا معصوب العينين، ومقيَّد اليدين إلى الخلف، فسألني بعض الأسئلة عن صحتي، ثمَّ أعادوني إلى نفس الكرسيّ –على ما أظن-، وبعد فترة قصيرة أخذوني إلى مغسلة، وفكّوا القيدين عن يديّ، ورفعوا “العصابة” عن عيني، و طلبوا مني غسل الدماء عن وجهي، وطلبوا مني خلع ثوبي و”فانيلتي” الداخليّة الملطخة بالدماء، وألبسوني ثوب أحد الشرطة، ثم نقلوني إلى نفس السيارة –على ما أظن-، وقبل أن يدخلوني السيّارة طرحوني أرضاً، وتجمّعوا عليَّ رفساً بالأرجل وعليها الأحذية، ثم أدخلت إلى السيّارة، وجلس أحدهم عن يميني وآخر عن يساري، كما في المرّة الأولى، وفي أثناء الطريق استمرّوا في صفعي ولكمي، وكان الضابط “بدر غيث” يجلس في المقعد الأماميّ يقول لي عند كلِّ صفعة أو لكمة: هذه عن الملك، وهذه عن رئيس الوزراء، وهذه عن وزير الدفاع، وهذه عن وزير الداخليّة، ونحو ذلك.

كان الذين معه يعلِّقون على الصفعات واللكمات بقولهم: هذه قويّة، وهذه أقوى، وهم يضحكون ويقولون: تريد تغيير النظام؟. وقد أخذت إلى غرفة بدا لي من خلال تأثيثها أنها غرفة في مستشفى، وهناك تمّت معالجة الجرح فوق الحاجب الأيسر لعيني، ثم أخذت إلى السجن، وأدخلت في زنزانة، في عنبر لم يكن فيه غيري سوى شخص واحد كان في الزنزانة الأولى من العنبر، وأنا كنتُ في الزنزانة الأخيرة منه، ولم يكن فيه غيرنا نحن الإثنين، وقد عرفت فيما بعد أنَّ الشخص كان الأستاذ حسن المشيمع، والسجن هو سجن القرين العسكري، والعنبر رقم “3”.

رابعاً: تخريب البيت وترويع الأهل وسرقة المال والممتلكات:

علمت فيما بعد بأنه وأثناء الساعة التي أبقيت فيها في السيارة، في المكان القريب من منزلي بعض القبض عليّ، كانت القوّات تمارس مهنتها في تفتيش البيت، ولم يكن بالطبع تفتيشاً عادياً، وإنما كان انتقاميّاً. لقد قاموا بتخريب البيت ومحتوياته، وسرقوا المال والممتلكات الخاصة مثل: كاميرا فيديو يقدر سعرها بـ 1800 دينار، وساعة وخواتم، وهواتف نقالة، وأجهزة لابتوب، وأجهزة كمبيوتر عادية، وأجهزة إلكترونية، ومكبرات صوت خاصة بمجلسي، وأوراق ثبوتية، وأوراق خاصة. وقد أجبروا زوجتي على فتح الصندوق التجوري، ثم أجبروها على الخروج من غرفة النوم، وقد تبين لها بعد خروجهم أنهم أخذوا مبلغاً من المال لا يقلُّ عن 1300 دينار بحريني، كما أخذوا حقيبتين “دبلوماسيتين” خاصتين بي، وفيها مقتنيات وأوراق خاصة، وأخذوا ساعتي الخاصّة، وخاتمين ثمينين، أحدهما بفص عقيق يماني، وآخر بفص فيروزج، وأخذوا محفظة نقودي، وفيها العديد من البطاقات، وأخذوا الصندوق الذي فيه أدويتي، وبعض الأجهزة والأدوات الطبيّة الصغيرة، وأخذوا الهواتف النقالة، وأجهزة لابتوب، وثلاثة أجهزة كمبيوتر مكتبيّة، ومكبر صوت معه جميع الأجهزة الإلكترونيّة الخاصة بمجلسي.

وكانوا قد وضعوا جميع أفراد العائلة في غرفة الطعام، وقاموا بتفتيش المنزل، بغير رقيب ولا حسيب، فلا يُعلم ما أخذوا على وجه التحديد، وقد أخذوا من مكتبي أشياء لا حصر لها، ولا أعلم حتى الآن ماهيَ، ولم يُعرض عليّ في النيابة العسكريّة أثناء تحقيقها معي سوى دفتر به ملاحظات صغيرة، وستة هواتف نقالة، وخمسة أجهزة لابتوب، وثلاثة أجهزة كمبيوتر مكتبية، لا يعود لي منها إلا دفتر الملاحظات الصغير وهاتف نقال واحد، وجهاز لابتوب واحد، والباقي يعودون إلى أفراد أسرتي، وقد تم تثبيت ذلك في محضر التحقيق، ولم تعرض عليّ أثناء التحقيق معي في النيابة العسكريّة، ولا قائمة الأشياء الكثيرة الأخرى، مما يدل على أنها غير ذات صلة بالقضية التي تمَّ القبض عليَّ بسببها, وقد حكم القاضي العسكري بمصادرة جميع المضبوطات التي عرضت عليّ في النيابة العسكرية، على الرغم من أنَّ معظمها يعود لأفراد أسرتي  ولا تحتوي على شئ يتعلق بي وبقضية اعتقالي، وقد تسبب أخذهم لجهاز اللابتوب وجهاز الكمبيوتر الخاصين بابنتي حوراء إلى تأخر تخرجها من الجامعة لمدة فصل دراسي واحد؛ لأن فيهما مشروع تخرّجها ولم يسعفها الوقت لإعداده مرّة ثانية، كما أنَّ القوّات قامت بضرب ابنتي عقيلة بأعقاب البنادق، وطرحوا ابني أحمد على أرض غرفته مكبوباً على وجهه، وأخذوا يطأونه بأقدامهم أثناء حركتهم داخل غرفته طيلة الوقت الذي قضوه في تفتيشها، الجدير بالذكر أنَّ القوّات التي ألقت عليّ القبض وقامت بتفتيش منزلي لم تعرض عليّ أمراً قضائياً بالقبض أو التفتيش.

خامساً: نصوص من تقرير بسيوني حول عمليات القبض:

ف 1704 قال: في الفترة مابين 21/ مارس و 15/ أبريل/2011 هاجمت قوّات في 1172 الأمن بشكل منهجي المنازل بغية توقيف الأفراد وهو ما أدّى إلى ترويع القاطنين هذه المنازل، وكانت هذه العمليات تتم في أوقات متأخرة من الليل وقبل الفجر، ويقوم بها أشخاص ملثمون، وكان هؤلاء الأشخاص يكسرون الأبواب عن قصد ويدخلون عنوة، وسجلت حالات سرقة من المنازل في بعض الأحيان، وكانت هذه الممارسات ترتبط في العادة بإهانات وسب موجه للطائفة التي ينتمي إليها هؤلاء، وفي العديد من الحالات المبلغ عنها كانت النساء والأطفال وغيرهم من أفراد الأسرة تأمرن بالوقوف بملابس النوم، الأمر الذي عرضهن وأفراد الأسرة الآخرين للإهانة الشديدة، وذلك بالإضافة إلى ترويع الأطفال، وعادة ماكان يتم اقتياد الأشخاص الموقوفين معصوبي الأعين إلى أماكن الاحتجاز التي لم تكن معلومة آنذاك لهم، ويشير هذا الأسلوب النمطي المتكرر للقبض إلى وجود خطة عمليات قام على تنفيذها موظفون في جميع الأجهزة.

ف 1124 قال: حيث يدل أسلوب تنفيذ عمليات القبض.. على نمط سلوكي متكرر من قبل الجهات الأمنية المشاركة، مصمم لبث الرعب في نفوس المقبوض عليهم وأفراد أسرهم والقاطنين معهم بالإضافة إلى ذلك، يفضح هذا النمط من تكرار ممارسة إتلاف ومصادرة الممتلكات الشخصيّة.

ف 1178 قال: وختاماً، خلصت اللجنة إلى أن عمليات القبض الموسعة التي تمت بناء على النمط الموصوف عاليه تعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وكذلك للقانون البحريني.

ف 1179 قال: ويشير تواجد نمط سلوكي منهجي إلى أن هذا هو اسلوب تدريب هذه القوّات الأمنية وأن هذه هي الطريقة التي من المفترض أن يعملوا بها، وأن هذه الأحداث لم تكن لتحدث دون علم الرتب الأعلى في تسلسل القيادة داخل وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني.

ممارسات التعذيب والإرهاب:

و أحياناً يحركون الأجسام المعدنية بعنف شديد على الشبك ذهاباً و إياباً، و أحياناً يقومون برمي الأجسام المعدنية بشكل مفاجئ و من بعيد على الأرض لخلق أجواء الرعب و إدخاله إلى نفسي، يفعلون ذلك كالأشباح و هم صامتون، و استمرت تلك الممارسة بشكل متواصل حتى طلوع الفجر ، و توقفت عند صلاة الفجر ، و بعد الصلاة عادوا مرة ثانية حتى قرب ضوء الشمس و أضاء العنبر قليلا. و في ساعات النهار تعرضت للضرب و السب و الإهانات، و في الليالي التالية كانوا يوقظوني من النوم بشكل مفاجئ و تقرع في أوقات مختلفة، و قد يتكرر ذلك في الليلة الواحدة أكثر من مرة، و يطلبون مني الوقوف و وجهي إلى الجدار و رفع اليدين إلى الأعلى و لأوقات طويلة رغم تدهور حالتي الصحية و يأمرونني أحياناً بالدوران حول نفسي، و كانوا يصبون عليّ الماء حتى يغمروا جسمي و ملابسي و فراشي و لحافي، و مع برودة الطقس، كانت مكيفات الهواء تعمل بأقصى طاقتها، فعلوا بي ذلك مرات عديدةـ و تعرضت إلى الضرب مرات عديدة، و حرمت من السباحة لأكثر من عشرة أيام، حتى تدهورت حالتي الصحية كثيراً و احتجت إلى رعاية صحية خاصة. و كانوا يأمرونني بقضاء الحاجة و أبواب الحمام مفتوحة و تحت نظر الحراس، و كانوا يكثرون من إهانتي و شتمي و شتم مذهبي و طائفتي و رموزي الدينية، و يسيئون إلى عرضي بشكل مستمر، و إجباري على تقبيل ايدي و أقدام الملثمين، و صور الملك، و رئيس الوزراء، و ملك السعودية، و كانوا أحياناً يبصقون في فمي مرات عديدة و يجبرونني على بلع بصاقهم، و يقابل رفض هذه الأوامر بالضرب. و قد استمر هذا الوضع السيء حتى 10/ يونيو، و قد وثّق تقرير البسيوني حالتي (الحالة 4 . صفحة 548 . الملحق الثاني . ملخصات الإفادات).

مندوب مزيف عن (الملك):

الجدير بالذكر؛ أني أُخذت في ليلتين من السجن العسكري إلى مكان مجهول، و قابلني هناك شخص قال بأن إسمه الشيخ صقر بن خليفة آل خليفة، و أنه مندوب من الملك إلى مقابلتي، و طلب مني أن ابعث برسالة اعتذار إلى الملك في سبيل مصلحتي كما قال، فرفضت ذلك، و قلت: بأني لم أخطئ، و أن النيابة العسكرية قد حققت معي و أنا أُحاكم أمام المحكمة العسكرية، إلا أني اتفقت معه في آخر الجلسة على أن أبعث برسالة متلفزة إلى الملك حول الحوار، و كان ذلك بعد جلسة المحكمة العسكرية الأولى. و في الليلة الأولى بعد جلسة المحكمة العسكرية الثانية أخذت إلى نفس المكان، و قابلني نفس الشخص، فقمت بحسب الاتفاق بعمل رسالة متلفزة إلى الملك حول الحوار يوجد نصها المكتوب لدى المحامي، ثم طلب مني الشخص المذكور إعادة ما قلته أمام النيابة العسكرية ليقوموا بتصويره بالفيديو بهدف رفعه إلى كما قال، فرفضت ذلك بشكل قاطع و نهائي، و قلت: بأن النيابة العسكرية قد حقّقت معي و أنهت التحقيق، و مثلت للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية  وأرفض أي تحقيق آخر، فغضب كثيراً لهذا الموقف مني و أساء معاملتي، و في طريق إعادتي إلى السجن، سمعت من الجلاوزة ما لم أسمعه في حياتي من الشتم و الكلمات البذيئة و الإساءة إلى أمي و زوجتي و بناتي و كانوا يكررون أنهم يريدون التمتّع بهن لأن المتعة حلال عند الشيعة، و أن أكثر الشيعة هم أبناء متعة، و شتموا مذهبي و طائفتي و رموزي الدينية (المراجع و الأئمة من أهل البيت (ع)) و قد أخذت النيابة بتفاصيل هذا الحادث، و انا أحمّلهم المسؤولية عنه، لأني كنت في سجن القرين العسكري تحت إشرافهم، فهم يعلمون قطعاً بالجهة التي أُخذت إليها و الشخص الذي قابلني هناك و انتحل صفة مندوب الملك، و فعل هو و الجلاوزة الذين معه من الإساءة و الانتهاكات ما قد وصفت أعلاه.

سابعاً: نصوص من تقرير البسيوني حول تعذيب السجناء و سوء معاملتهم:

ف 1238 قال: “وتبرهن المعاملة الجسمانية والنفسية السابق شرحها على حدوث هذه الممارسات بصورة عمدية من قبل منتسبي جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية. في بعض الحالات، وكان الهدف من هذة الممارسات هو الحصول على الاعترافات والإقرارات بالإكراه، بينما في حالات أخرى، كان المقصود من هذه المعاملة هو الجزاء والعقاب. ويستخلص من التحقيقات التي أجرتها اللجنة ولا سيما تقرير الطب الشرعي، أنه كانت هناك ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، قِبل عدد كبير من . الأشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف”.

ف 1230 :  ” توضح المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مختلفة، سيما أثناء المقابلات مع الأشخاص الذين ادعوا أنهم ضحايا لسوء المعاملة ولأشكال أخرى من الإساءة البدنية والنفسية أثناء وجودهم في مراكز التوقيف التابعة للدولة، أنه كان هناك أنماط معينة من السلوك التي كانت تنتهجها الأجهزة الحكومية. لم تكن هذه الأنماط موحدة باستثناء ما يتعلق بسوء المعاملة مع فئات معينة من الموقوفين بما في ذلك بعض أفراد الطاقم الطبي الذين ألقي القبض عليهم بتهم مرتبطة بأحداث مجمع السلمانية الطبي ٦٠٣ والشخصيات السياسية الأربعة عشر الذين كانوا موقوفين في سجن القرين. وكان الغرض في الكثير من هذه الحالات هو الحصول على إفادات أو اعترافات تجرّم أولئك الأشخاص المقبوض عليهم، وفي حالات أخرى، كان الغرض المقصود من الحصول على إفادات من بعض هؤلاء الأشخاص هو استخدامها ضد أشخاص آخرين ينتمون إلى نفس الجماعة. “

و قد أشار التقرير إلى هذه المجموعة في فقرات عدة منها: ف 1185، ف 1187، ف 1188، ف 1204، و غيرها.

ف 1243 قال: ” فمعاودة ارتكاب العديد من الانتهاكات، التي حددتها لجنة مناهضة التعذيب، في الآونة الأخيرة تشير إلى أن مسئولي السجون مازالوا يتبعون مجموعة من الممارسات، أو حتى السياسات، المشابهة، كما كان الأمر في السابق. وهذا يشير إلى وجود مشكلة منهجية، لا يمكن معالجته. “

ف 1240 قال: ” ولاحظت اللجنة عددًا من إفادات الشهود تشير إلى أن الضالعين في إساءة المعاملة كانوا يبدون للموقوفين دائمًا شعورًا بأنهم سيفلتون من العقاب. وترى اللجنة أن عدم مساءلة المسئولين في النظام الأمني قد أدت إلى سيادة ثقافة الإفلات من العقاب، حيث إن مسئولي الأمن ليس لديهم إلا قليل من الحوافز التي تدفعهم إلى تجنب إساءة معاملة السجناء أو اتخاذ إجراءات لمنع إساءة المعاملة من جانب مسئولين آخرين. وفي ضوء هذه الثقافة، تشيد اللجنة بالشجاعة الهائلة التي تمتع بها ضحايا التعذيب وإساءة المعاملة في الإبلاغ عما تعرضوا له. “

ثامناً: نصوص من تقرير البسيوني حول تواطئ النيابة و القضاء:

ف 1241 قال: ” وقد تلقت اللجنة أدلة تشير إلى أنه في بعض الحالات، تغاضى العاملون في السلك القضائي والنيابة العامة ضمنيًا عن هذا الافتقار إلى المساءلة. “

ف 1698 قال: ” ولقد تلقت اللجنة أدلة تشير إلى أنه في بعض الحالات لم تقم النيابة أو القضاء باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسئولين “

ف 1247 أوصى بقوله: ” في ضوء “نموذج الإفلات من العقاب” على جريمة التعذيب والمعاملة السيئة في الماضي، . يجب أن تبدأ المحاكمات المناسبة بما يضمن تحقق العقاب المكافئ لفداحة الجرم. “

ف 1246 قال: ” توصي اللجنة بأن تتولى جهة مستقلة ومحايدة التحقيق في كافة الادعاءات بالتعذيب والمعاملة المماثلة وفقاً لمبادئ اسطنبول ٦١٦ ، حيث يجب أن يكون للتحقيق القدرة على تقديم المرتكبين للمحاكمة بصورة مباشرة وعلى كافة مستويات المسئولية. “

ف 1716 أوصى بـ : ” وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوي المناصب القيادية، مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ “مسئولية القيادة” عليهم وفقاً للمعايير الدولية. “

ف 1722- أ أوصى بـ : ” القيام بتحقيقات فاعلة وفقًا لمبادئ الردع الفعال والتحقيق في جميع حالات القتل المنسوبة لقوات الأمن الذي يقع خارج إطار القانون أو بشكل تعسفي أو دون محاكمة. وكذلك، التحقيق في جميع دعاوى التعذيب والمعاملة المشابهة من قبل هيئة مستقلة ومحايدة وفقا لمبادئ اسطنبول. ويجب أن يفضي التحقيق في الانتهاكات المزعومة إلى محاكمة الأشخاص المتورطين، بطريقة مباشرة وعلى كل مستويات المسئولية، مع ضرورة ضمان اتساق العقوبة مع خطورة الجرم. “

ف 1722- و أوصى بـ : ” تدريب الجهاز القضائي وأعضاء النيابة العامة على ضرورة أن تكون وظائفهم عاملاً مساهمًا في منع التعذيب وسوء المعاملة واستئصالهما. “

التعليق:

 أملي أن تأخذ هيئات المحاكم و أعضاء النيابة بتوصية البسيوني بأن تكون وظائفهم عاملاً مساهماً في منع التعذيب و سوء المعاملة و استئصالها و ذلك بإبطال كافة التهم التي بنيت على باطل و هذا من شرف المهنة  و أعمال الضمير، و أن يقوموا باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المسئولين عن التعذيب و سوء معاملة السجناء و المعتقلين و الموقوفين، و أن تبدأ المحاكمات المناسبة للأشخاص المتورطين بمن فيهم ذوي المناصب القيادية: مدنيين كانوا أم عسكريين بما يضمن تحقّق العقاب المكافئ لفداحة الجرم.

تاسعاً: تشكيل النيابة العسكرية لتهم غير واقعية ضدنا:

لقد تجاهلت النيابة العسكرية كل الأوضاع السيئة و سوء المعاملة لي في داخل السجن ، بما في ذلك تعرضي و جميع افراد المجموعة الى الضرب المبرح في مبنى المحكمة العسكرية و كنّا تحت إشرافها في سجن القرين العسكري. و علاوة على ذلك، قامت بتشكيل تهم ضدي غير واقعية، و لا تمتّ بصلة لأقوالي في تحقيقاتها معي، فالجماعة التي اتهمت بعملية الانقلاب هي مجموعة مختلقة و ليس لها وجود إلا في مخيلة النيابة العسكرية و لا وجود لها على أرض الواقع، فأفراد المجموعة هؤلاء الماثلين أمام المحكمة و غيرهم لها انتماءات أيديولوجية و فكرية و سياسية و تنظيمية متباينة ايدلوجية وفكرية وسياسية وتنظيمية متباينة ( الوفاء ، وحق ، والاحرار ، ووعد، وأمل ، وحقوقيين ، ومستقلين ) وبعضهم لم تكن لي معهم معرفة سابقة او ارتباط اجتماعي، وأما تهمة التخابر فهي اتفه من أن ارد عليها واكتفي فيما يتعلق بتهم ( التنظيم ، والتخابر، واسقاط النظام بالقوة، بما جاء على لسان محكمة التمييز، واترك الدفاع القانوني بشأنها وبشأن غيرها من التهم المفبركة من قبل النيابة العسكرية الى المحامي الفاضل.

عاشراً – نصوص من تقرير البسيوني حول دور النيابة العسكرية :

1701- ” وسجلت اللجنة انتهاكات عديدة لحقوق المحاكمة العادلة، وتعتقد اللجنة ٔان ٔاحد ٔاسباب هذه االنتهاكات يتمثل في غياب تشريع يحدد سلطات الحكومة ٔاثناء تطبيق حالة السلامة الوطنية.بالإضافة ٕالى ذلك، يبدو ٔان النائب العام العسكري قد اختار ٔان يعتمد على تلك الأحكام

التشريعية الأكثر ٕاجحافا بحقوق الاشخاص الموقوفين والمدعى عليهم الذين احيلوا ٕالى

محاكم السالمة الوطنية، وهي محاكم استثنائية تتشكل برئاسة قاض عسكر ٍي وعضوية قاضيين مدنيين”

ف 1702 – قال ” من الواضح ٔان مرسوم السلامة الوطنية الذي طبقه النائب العام العسكري قد تجاوز النظام القضائي الوطني. ونتيجة لذلك، فلقد وقعت بالفعل انتهاكات نمطية لقواعد المحاكمة العادلة في مرحلة ما قبل المحاكمات، وأثناء المحاكمات التي حرمت معظم المتهمين من الضمانات الاساسية للمحاكمات العادلة.”

الحادي عشر: الانتهاكات لقواعد المحاكمة العادلة :

لم تتوفر في المحكمة العسكرية التي حكمتنا شروط المحاكمة العادلة فقد تجاهلت الخلل القانوني في اجراءات القبض وما تعرضنا له من تعذيب وسوء المعاملة ، والخلل القانوني في تحقيقات النيابة العسكرية معنا، واختزلت جلسات المحاكمة وسلقتها سلقاً، ونحن تحت تأثير ارهاب الشرطة العسكرية في جميع جلسات المحكمة وقد تعرضنا للضرب الوحشي وبشكل جماعي من جماعات الشرطة العسكرية لمجرد اننا هتفنا في المحكمة بشعار” سلمية سلمية ، شعب يطلب حرية ” ،ولم يسمح لنا بالكلام في جلسات المحكمة ولا لمرة واحدة ولم يمنح المحامون فرصة المرافعة الشفهية ، واصدرت المحكمة العسكرية ضدنا احكاماً جائرة على تهم مختلقة لا وجود لها في الواقع وذلك استناداً الى ادلة باطلة ولا اساس لها من الصحة وقد تم اخضاع العديد من المحاكمين الى التحقيق من قبل النيابة العسكرية.

الثاني عشر – نصوص من تقرير البسيوني حول الانتهاكات لقواعد المحاكمة العادلة :

ف 1279 – قال معلقاً على المواد ( 165، 168 ، 169، 179 ، 180 ) من قانون العقوبات البحريني : ” وترى اللجنة ان حكومة البحرين استخدمت هذه المواد لمعاقبة المعارضة وردع المعارضة السياسية”

ف١٧٠٠- قال: ” تمت محاكمة عدد كبير من الأفراد أمام محاكم السلامة الوطنية وسجنوا لمخالفتهم نصوص المواد أرقام ١٦٥ و١٦٨ و١٦٩ و١٧٩ و١٨٠ من قانون العقوبات البحريني وذلك خلال  أحداث فبراير ومارس الماضيين. وجدير بالذكر أن الصياغة الفضفاضة لتلك المواد، والطريقة التي طُبقت بها تثير التساؤل بشأن مدى اتفاقها مع قانون حقوق الإنسان الدولي ودستور البحرين.”

ف١٢٨٠- قال : “ونظراً للطريقة التي جرى بها تطبيق هذه الاحكام في البحرين، فإن لدى اللجنة عدداً من بواعث القلق بشأن اتساقها مع احكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ومع أحكام دستور البحرين.”

ف 1697- قال: ” وقد اُستخدمت هذه الاعترافات المنتزعة تحت وطأة الإكراه في المحاكمات التي تمت سواء أمام المحاكم الخاصة المنشأة بموجب مرسوم السلامة الوطنية، وفي بعض الحالات أمام المحاكم الجنائية العادية.”

التعليق :

قد سجلت لجنة البسيوني انتهاكات عديدة لشروط وقواعد المحاكمة العادلة في مرحلة ما قبل المحاكمات واثناء المحاكمات استجابة من النيابة العسكرية والنيابة العامة ومن القضاء العسكري والقضاء العادي الى سياسة السلطة وتوجهها لمعاقبة وقمع المعارضة السياسية لها.

والقبول بتقرير البسيوني يقتضي ابطال كل ما صدر عن تلك المحاكم من احكام والافراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين عاقبتهم السلطة من خلال أجهزتها القضائية التي تفتقر الى الاستقلالية والنزاهة ، وقد قبلت السلطة رسمياً بتقرير البسيوني وأعلنت للرأي العام والمجتمع الدولي التزامها بتطبيق جميع ما جاء فيه من توصيات الا انها لم تف بالتزاماتها ولهذا نحن نحكم هنا بغير وجه حق.

الثالث عشر – توصية البسيوني بالغاء الاحكام والعقوبات :

ف1720 – اوصى :”  ٕاتاحة الفرصة لمراجعة جميع ٔاحكام الإدانة الصادرة عن محاكم السلامة الوطنية التي لم تأخذ في الاعتبار المبادئ الاساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك الاستعانة بمحام استعانة كاملة وفورية وعدم قبول الأدلة التي انتزعت بالإكراه.”

ف 1291: ” توصي اللجنة بإلغاء الأحكام والعقوبات التي صدرت في حق جميع الأشخاص الذين اتهموا بارتكاب جرائم ذات صلة بالتعبير السياسي ولا تنطوي على الدعوة إلى العنف، أو بحسب الحالة، بمراجعة الأحكام الصادرة ضدهم، وبإسقاط التهم المعلقة الموجهة إليهم أو تخفيفها بحسب الحالة.”  (1722 – ح)

الرابع عشر: اختياري لقيام النظام الجمهوري:

في ظلّ تطورات الأحداث وسقوط الشهداء بسبب عنف الشرطة والجيش وارتفاع سقف المطالب لدى الجماهير بشكل تلقائي من إصلاح النظام إلى إسقاط النظام، فقد تبنّيت سياسياً خيار إقامة النظام الجمهوري و هذا يدخل ضمن حقي في حرية الرأي والتعبير الذي كفلته المواثيق الدولية ودستور البحرين وأكد البسيوني هذا الحقّ في تقرير (ف 1281) حيث قال: ” جرى تطبيق المادة ١٦٥ من قانون العقوبات تطبيقاً ينتهك حرية الرأي وحرية التعبير، إذ أقصيت من النقاش العام الآراء التي تعبر عن معارضة نظام الحكم القائم في البحرين والآراء التي تدعو لأي تغيير سلمي في بنية الحكم أو نظامه أو تدعو إلى تغيير النظام. ” انتهى، وأنا لم أدعو إلى عنف، بل كان خياري دائماً هو المنهج السلمي، و كنت من أكثر من نظّر و دعى إلى المنهج السلمي في البحرين، وتشهد على ذلك كتاباتي المنشورة في كتبي وموقعي الالكتروني الذي أغلقته السلطة بغير وجه حق، ورفض القضاء العسكري الاستجابة لطلب المحامي بفتحه للاستفادة مما هو فيه في الدفاع عني. كما أعتمدت على وجوب الرجوع إلى الإرادة الشعبية في اختيار النظام السياسي والتزامي بالنزول على هذه الإرادة المحترمة.

رسائل اختيار النظام الجمهوري:

وكان اختياري لقيام النظام الجمهوري يحمل مجموعة من الرسائل السياسية الأساسية التي لا زلت أؤكّد عليها وهي:

1- أن النظام الذي لا يملك القدرة على التجديد الذاتي واستعياب تطورات العصر والارتقاء إلى مستوى طموحات المستقبل لأبناء الشعب من خلال المؤسسات الدستورية الفاعلة، لا يمتلك القابلية للبقاء والاستمرار.

2- أن الحكومة التي تعادي أو تخاصم نصف أبناء شعبها أو أكثر، لا يمكنها أن تحافظ على الأمن و الاستقرار في البلاد، و لا أن تقيم العدالة على الأصعدة القانونية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها، و لا أن تكون أمينة على مصالح الشعب.

3- أن الشعب هو مصدر شرعية النظام والسلطة، ويجب أن ينبثق النظام والحكومة من إرادة الشعب واختياره ومن حقّ المواطنين أن يغيّروا النظام والحكومة متى ما تبيّن لهم أنهما لا يمثلان إرادتهم واختيارهم ولا يقومان على مصالحهم، وذلك من خلال الانتخابات الحرة النزيهة . ويجب على السلطة في جميع الأحوال والأوقات أن تحترم إرادة المواطنين، وأن تحرص على كسب ثقتهم ورضاهم، وأن تعمل من أجل مصلحتهم، وأن تقف على بعد واحد منهم جميعاً ولا تميّز بينهم على أساس الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس أو الانتماء السياسي أو التنظيمي أو غير ذلك، وأن لا يكون حكمها بالقوة والإرهاب وفرض الأمر الواقع.

4- إن الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة هو البديل عن عنف البوليس والقوات المسلحة، فإن غابت الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة حلّ محلّها إرهاب الدولة الفكري والسياسي والإعلامي والقانوني و عنف البوليس والقوات المسلحة لقمع المعارضة والقضاء على الاحتجاجات و المطالبات المشروعة بالإصلاح والحقوق، وفقد الأمن والاستقرار، وضاعت فرص التقدم والرخاء والازدهار، وتحوّلت المؤسسات الدستورية إلى مؤسسات صورية غير فاعلة و وسيلة إلى ترسيخ الدكتاتورية والاستبداد وشرعنة الظلم والانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان والتمييز بين المواطنين.

وختاماً:

إني حريص على التعبير عن رأيي بما أرى أنه حقّ وصواب يصبّ في مصلحة أبناء الشعب، وهذا ليس بجريمة في ظلّ دولة الإنسان والحكم الرشيد، وإنما يعدّ جريمة في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية والحكومات المستبدّة، وأنا غير مكترث بأن تكون وراء ممارستي لحقّي في التعبير عن رأيي عقوبات جائرة، فدائماً ما يضطر الشرفاء والمناضلون إلى دفع أثمان باهظة في سبيل الحريّة والعدالة والعزّة والكرامة في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية والحكومات المستبدّة، وأنا أعلم جيداً بحجم التحريض السياسي والإعلامي على هذه المجموعة وغيرهم من الشرفاء والمناضلين، وأعلم بالرسالة التي بعث بها القضاء إلى مؤتمر حوار التوافق الوطني واشتكوا بأنهم لا يتمتعون بالاستقلال الكافي، و وقفت على ما جاء في تقرير البسيوني من أوجه الخلل في التشريعات البحرينية ودور النيابة العامة والقضاء في تمرير سياسة السلطة والمساهمة في قمع المعارضة ومعاقبتها، إلا أن ذلك لم يمنعني ولن يمنعني من التعبير عن رأيي بكل سفافية و وضوح. ويفترض بحسب قواعد العدالة و ما جاء في تقرير البسيوني الذي قبلته السلطة والتزمت به أمام الرأي العام والمجتمع الدولي بأن تطبّق توصياته، بأن أكون أنا وجميع أفراد هذه المجموعة وغيرنا من سجناء الرأي والمناضلين الشرفاء نتمتّع بحريتنا في خارج السجن ونمارس دورنا الوطني في الإصلاح والتنمية، وأن تكون قيادات سياسية وأمنية وعسكرية عليا، وأعضاء نيابة وقضاة ارتكبوا جنايات بحقّ أبناء الشعب الأبرياء هم في داخل السجن.

وأقول: إذا كانت النيابة العامة تتمتع بالاستقلال الكافي، وتريد أن تحاسب الانقلابيين الحقيقيين كما هو المفروض، فعليها أن تحاسب رموز السلطة الذين نفذوا انقلاب أغسطس 1975م بتعطيل بعض مواد الدستور، وتعطيل الحياة البرلمانية، وهما إجراءان انقلابيان خالف بهما رموز السلطة الدستور واجب التطبيق والعمل به، وفرضوا قانون أمن الدولة سيء الصيت والسمعة، ومارسوا الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والقتل غير القانوني تحت التعذيب في داخل السجن وخارجه، ثم الذين نفذوا انقلاب فبراير / 2002م بإلغاء الدستور ومخالفة مثياق العمل الوطني والتعهدات التي التزموا بها لوجوه المعارضة، وفرضوا مؤسسة برلمانية صورية غير فاعلة، وأدخلوا البلاد في أزمة دستورية وسياسية وأمنية تعتبر ثورة 14 / فبراير والأوضاع الخانقة الراهنة أحد أهم تداعياتها الخطيرة.

والحمد لله ربّ العالمين.

سجين الرأي: عبدالوهاب حسين علي

الثلاثاء 22 / أبريل / 2012م

البحرين . وزارة العدل . محكمة الاستئاف العليا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى