الوسط: وهم المعارضة من التقرب إلى البرلمان… والأحوال الشخصية مجدداً

العدد 257 الاحد 24 مايو 2003 الموافق 23 ربيع الاول 1424 هــ

حذر عبدالوهاب حسين الرموز من النظر إلى القضايا المصيرية من خلال الفكر الذاتي، لأن هذا الأسلوب يؤدي إلى إبعاد الرمز عن مساره الطبيعي في التفكير، ويقضي على القواسم المشتركة بينه وبين الآخرين، ما يجعله يضع أفكاره ومصالحه في كفة، ومصالح العامة في كفة أخرى، فلا يكون هناك مجال للالتقاء على أمور مشتركة .

وأوضح حسين – في خطبته الدينية في مسجد الشيخ خلف في النويدرات – أن التنازع ليس سببه تعدد الآراء، لأنها دليل حيوية المجتمع، أما مجتمع الرأي الواحد فهو مجتمع ميت لا حياة فيه، مشددا على ضرورة أن تكون للآراء المتعددة قيادة تستطيع تجميع وتوظيف هذه الآراء من أجل تحقيق الأهداف.

وطالب حسين النخب والجماهير بالتفريق بين آليات اتخاذ القرار، وبين توعية المجتمع، موضحا أن فريق العمل المسئول عن اتخاذ القرار عليه أن يدرس جميع الآراء ليأخذ بأحسنها، فإذا تعددت القيادات وتعدد القرار ضعفت القيادات وضعف القرار .

وأضاف أن تعدد الآراء يرسخ الثقة بين الجمهور والقيادات، لأنه إذا تم طرح الآراء المتعددة، سيستطيع الجمهور معرفة الأفضل بينها، أما إذا تم طرح رأي واحد وثبت خطأه، فسيكون ذلك مدعاة إلى تشكيك الناس في القيادة، لأنها لم تستطع تشخيص القرار الصائب .

وفي الشق السياسي، أشار حسين إلى أن الحركة المطلبية في البحرين استمرت قرابة القرن، وكانت أهم مطالبها هي تفعيل الدستور، ووجود برلمان يشارك فيها الشعب في صناعة القرار، من أجل تطوير الوطن وحفظ حقوق المواطنين، ووجود المعارضة خارج البرلمان يعد وضعاً غير صحيح، إلا أنه أوضح أن المعارضة لا تريد المشاركة في أية مؤسسة برلمانية بعد هذه التضحيات.

وذكر حسين أن الدستور ينتقص حقوق الشعب الأساسية، والبرلمان يرتهن إرادة الشعب لصالح السلطة التنفيذية، فهل من الصحيح الدخول في هكذا برلمان كما تساءل، معتبرا أن الدخول يعد انحرافا وتخل عن المطالب الأساسية للشعب.

وأوضح حسين أن هذه الشائعات بانتهاء موقف المقاطعة ساعد عليها أداء بعض الرموز ودعوتهم إلى التعاطي مع أعضاء البرلمان، واصفاً التعامل مع أعضاء البرلمان بأنه دليل وجود أخطاء منهجية في أداء المعارضة ، مشددا على ضرورة التركيز على الأداء الفعلي للبرلمان وإبراز عناصر الفشل فيه وعزله عن الناس، لا بعث الحياة فيه، وهو كيان ميت على حد قوله.

وأضاف لنسأل جمعية الوفاق: ماذا قدمت إلى أعضائها بعد أن دخلوا المجالس البلدية، من دون وجود صلاحيات؟ نحن نرى كل عضو من أعضاء الوفاق يعمل حسب اجتهاده، ولا يوجد شيء ينظم عمل الأشخاص، ولا يوجد برنامج مشترك إلى الأعضاء، وهذا دليل آخر على أن الأداء وحده هو القادر على الإنجاز، وليس المشاركة أو المقاطعة . 

وطالب حسين المعارضة بأن يجدوا في تحقيق أهداف المقاطعة بكل الوسائل السلمية المتاحة، وأن تقرأ خطابه بصورة صحيحة، إذ قال: أتمنى ألا تكون الحكومة أصبر على هذا الخطاب من المعارضة، وإلا فعليها ألا تطالب الحكومة بما لا تقدر عليه. من جهة أخرى، قال خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان: إن سفك الدماء المحترمة وإراعة الآمنين بغير حق سواء كانت دماء المسلمين أو المعاهدين، يعد ضربا من ضروب الفساد في الأرض، وجريمة شنعاء ، موضحا أن الإسلام لم يقف في تحريم القتل فحسب، بل تعداه إلى بيان حرمة النفس البشرية مطلقا حتى لو كانت غير مسلمة.

وأضاف مع وجود النصوص الصريحة في بيان حرمة قتل النفس المحرمة، إلا أننا نشهد بعض الجماعات المتطرفة في أمور الدمار، لا تبالي بالمحافظة على أرواح الناس الآمنين والمستأمنين، فكم نسمع من الترويع والإرهاب والعنف والطيش والتفجير والقتل والاغتيالات، وكم أهلكت هذه الأفعال من نفوس، وخلفت من أضرار، ودمرت من عمار، وأحدثت قتلى ومصابين وثكلى ومشوهين .

ولفت القطان إلى أن هذه الأفعال جريمة نكراء فيها إعانة أعداء الإسلام على المسلمين وتسليطهم عليهم، وهذا من أعظم الضلال والمصيبة أن يسعى المرء إلى إذلال أمته من غير أن يفكر ويتأمل، منبها إلى أن من يفعل ذلك فقد سعى للفساد في الأرض شاء أم أبى، داعيا المسلمين أن يحذوا من هؤلاء، ويحكموا القرآن والسنة في كل أفعالهم، ويعرضوا أمورهم على أهل العلم ليعلموا خطأ أو صواب هذه الأفعال.

أما الشيخ عيسى قاسم، فأشار في خطبته في جامع الإمام الصادق في الدراز إلى قانون الأحوال الشخصية، موضحا أن معنى كون المجلس الوطني يقنن، ويمثّل مؤسسة تشريعية، أي أن يأتي مشروع القانون ومسودّته إلى المجلس التشريعي سواء من الحكومة أو من نائب أو أكثر لا ليوقعه، وإنما ليقرأ كلّ مادة بمفردها، ويطرحها للنقاش والمداولة، حتى إذا تمّ النقاش حولها ارتفعت الأيدي للتصويت على الموافقة وعدمها، سواء في صورتها الأولى، أو منقوصاً منها أو مضافا إليها، وحسب قاسم، فهذا تشريع فهو مشرّع، كما أن الله يشرع بأن يحرّم ويحلل ويوجب ويبيح المجلس النيابي وضعه هكذا.

وتساءل قاسم: هل قانون الأحوال الشخصية مستثنىً من هذه العملية؟ وهل توجد مادة دستورية تقول بذلك؟ هل توجد ضمانة في الأعضاء كلّهم لو رُفع إليهم قانون الأحوال الشخصية موافق عليه من قبل الفقهاء أنّ موقفهم سيتمثل في إمضاء هذا القانون فقط؟ وإذا حدث هذا في هذه المرّة، هل نضمن حدوثها في كل دورة انتخابية؟ لافتا إلى أن المجلس النيابي وظيفته التشريع وليس الموافقة على تشريعات الآخرين وإمضاءها، ولو دخل القرآن للتصويت – كما قال – والتزم المجلس النيابي بوظيفته التي حددت له، لصُوِّت عليه آية آيـة. وقال أيضا: إن دور المسلم أن يبحث معمّقاً عن أحقية دين الله من عدمه؛ فإن وصل إلى عدم أحقيته فهو حر كل الحرية، وإذا وصل إلى أحقيته، وأن الله والإسلام والرسول والكتاب حق، فهناك حكم وجوبي، وحكم تحريمي لا خيار له فيهما أصلا، وهناك حكم بالإباحة، ولا حرية إلا في مساحة المباحات، وليست في مساحة الحلال والحرام، والصحيح والفاسد، موضحا أن قانون الأحوال الشخصية يتناول الواجب والمحرم والصحيح والفاسد، أي هذا النكاح صحيح أو حرام، وهذا الطلاق صحيح أو حرام، ولا يدخل في دائرة المباحات مطلقا .

وتساءل أيضا: حينما نقول عن التوقيع وواجبه هل نحن مختارون في أمر التوقيع؟ إذا كان التشريع للأحوال الشخصية أعرفُ منه، إن لم يكن في هذه الدورة ففي دورة أخرى، أو أتوقّع بأن هذه الأحكام ستتعرض للتغيير، وللاطمئنان أن الأحكام ستتغير في الدورة الأولى في التصويت الأول، وإن جاءت شرعية في نظر البعض فستأتي غير شرعية في نظر البعض الآخر، فإذا عرف المكلّف أن دين الله سيتعرض لهذا الخطر هل له خيار في أن يوقع أو لا يوقّع؟ هنا أمر بمعروف ونهي عن منكر إلى حدّ الوجوب فلا يسعني أن لا أوقع.

لفت قاسم إلى أننا أمام تقنين الأحوال الشخصية نحتاج إلى العلم بالخطر ولا نحتاج إلى انتظار القناعة، وإلا فعلينا أن ندرس الصلاة وآثارها لنقرر أننا مع الصلاة أو ضدها ، موضحا أن مسألة الأعراض والأنساب ذات الحرمة الكبيرة ليست أقل من الصوم والصلاة، لأنها داخلة في الدائرة الاحتياطية عند الفقهاء، والتفريط فيها تفريط على الإسلام الاجتماعي، والتفريط في الإسلام الاجتماعي يهدم الإسلام الفردي في الأخير. ودعم قاسم موقف النواب المطالبين بلجنة تحقيق في التجنيس قائلا: نؤيد كثيراً دراسة ملف التجنيس داخل المجلس النيابي دراسة دقيقة، ونحن مع المطالبين بتوفير كل المعلومات والأرقام والخلفيات المتعلقة بهذا الملف لصالح موضوعية وجدية هذه الدراسة وحتى لا تبقى الحقائق في الظلام، لتُتلافى كثرة الاتهام، كما نؤيد كل جهد سياسي شعبي صالح بنّاء يصب في صالح التحقيق في هذا الأمر الحسّاس، مشددا على ضرورة أن العمل لتحصين هذا البلد الصغير من هذا الشر المستطير، فالعدل العدل، والتعقل التعقل، والدين الدين، فالظلم والتهور ونسف الدين والقيم أمور لا تبقي ولا تذر .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى