الوقت: “فيتو” المراجع النجفية هل يرجح الكفة من جديد ؟… مشاركة الوفاق في 2010 إشكالية تعود بين “الممانعة” و”المسايرة”

العدد 1119 الأحــد 18 ربيع الأول 1430 هـ – 15 مارس 2009

الوقت – فاضل عنان:


الحديث عن مشاركة جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في الانتخابات النيابية للفصل المقبل (2010) وإن كان حديثا مبكرا بعض الشيء إلا أنه يختزل الكثير من الإشكاليات التي يعيشها هذا التيار على أكثر من صعيد.
ولعل الإشكالية الأبرز في هذا الإطار هو مفهوم القيادة التي بدأت منذ تحرك أحد أبرز قياديي هذا التيار في 2001 ورئيس اللجنة التحضيرية لتأسيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حينها عبدالوهاب حسين لتشكيل قناعات المقاطعة من جانب وتهيئة الأرضية بين صفوف الوفاق لاتخاذ قرار المقاطعة في .2002

وبالرجوع إلى مشهد ,2002 نجد أن عبدالوهاب حسين استطاع وبجدارة توجيه القرار داخل جمعية الوفاق لاتخاذ قرار المقاطعة بعد طول الصمت الذي كان عليه نخبة العلماء الذين يشكلون مرجعية لهذا التيار لاسيما الشيخ عيسى قاسم والسيد عبدالله الغريفي.


واليوم وبعد مرور ثلاثة أعوام تقريبا على مشاركة جمعية الوفاق في الانتخابات النيابية، وبعد خروج الشيخ عيسى قاسم والسيد عبدالله الغريفي من قيادة المجلس العلمائي، وبعد تدشين عبدالوهاب حسين والشيخ عبدالجليل المقداد حركة (الممانعة) في داخل التيار الشيعي من جديد بدأت بوادر هذه الإشكالية تعود من جديد لتفرض تحديات جديدة على قادة جمعية الوفاق، ولعل الحديث عن تشكيل لجنة لانتخابات 2010 داخل جمعية الوفاق تأتي ضمن هذا الإطار الذي من شأنه تضييق الخناق على مؤيدي المشاركة داخل التيار في ظل الظروف التأزمية والأمنية التي تعتبر حركة حق (غير المرخصة) واعتقال أمينها العام حسن مشميع والشيخ محمد حبيب المقداد جزءا من ملامح الصورة المقبلة.


لماذا لجأ الوفاقيون إلى السيد السيستاني في موضوع المشاركة؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من قراءة المشهد السياسي داخل التيار الوفاقي (بالمفهوم العام) بشكل أكثر دقة، بالذات بعد أن تناقل حديثا من مصادر وفاقية أن المراجع الدينية الكبيرة في النجف ‘’نصحت’’ جمعية الوفاق بضرورة ‘’التمسك’’ بخيار المشاركة في الانتخابات النيابية، ورفض الرهان على ‘’التدخلات الخارجية’’.


جاء ذلك في زيارات قام بها وفد عن كتلة الوفاق لكبار المراجع الدينية في العراق حديثا، على رأسها السيد علي السيستاني، والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ بشير النجفي، والشيخ إسحاق الفياض.


وذكرت مصادر الوفاق ‘’أن المراجع كافة شددوا على وجوب العمل ضمن الأطر السلمية والعمل ضمن مؤسسات الدولة ووضع المصالح الوطنية فوق كل اعتبار’’.


ولعل لجوء كتلة الوفاق إلى المراجع الدينية في النجف مرده إلى ظهور حركة جديدة في الشارع الوفاقي بقيادة الناشط السياسي عبدالوهاب حسين والشيخ عبدالجليل المقداد وبزوغ حركة (الممانعة) بعد اعتقال الأمين العام لحركة حق (غير المرخصة) حسن مشميع وعضو الحركة الشيخ محمد حبيب المقداد، الأمر الذي هيأ الظروف الموضوعية لانطلاق الحركة الجديدة (حركة الممانعة) والتي لم تكتفِ في مطالبها بإطلاق سراح المعتقلين فقط، بل إلى صياغة دستور عقدي، ولعل أبرز ملامح هذه الحركة العودة من جديد إلى المربع السياسي الأول وهو مقاطعة الانتخابات البرلمانية.


وهذا ما أوضحه الشيخ عبدالجليل المقداد في خطبة الجمعة الأخيرة بجامع الحياك، حيث قال ‘’إن كانت المشاركة على أساس أنها خيار استراتيجي فهي مرفوضة كل الرفض وهذا ما اعترف به ضمنا المشاركون في هذا البرلمان الذي وصفه بـ’’الكسيح الأعرج’’ وان كانت المشاركة على أساس أنها أسلوب من أساليب الضغط فهذا يستلزم أولاً.. الاعتراف وتفعيل الأساليب الأخرى والتنسيق مع أصحاب الرأي الآخر في المقاطعة ممن لا يرى المشاركة والتنسيق مع أصحاب الرأي الآخر في المشاركة للاستفادة من بقية الأساليب هذا مقتضى الالتزام أن المشاركة في المجلس على أنها أسلوب من أساليب الضغط’’.


وأضاف ‘’لا ينبغي أن يقتصر في ذلك على الشعار بل ينبغي تفعيل هذه المقولة عملاً والعمل على الاستفادة التامة من هذه الوسيلة (…) نحن لا نرجو من الآخرين أن يقوموا بهذه الخطوة ولكننا نرجو ونتوقع من إخواننا أن يقدموا على هذه الخطوة وبكل شهامة وشجاعة ويثبتوا مقولة أن المشاركة إنما هي أسلوب من أساليب الضغط، بل ينبغي تفعيل هذه المقولة عملاً والعمل على الاستفادة التامة من هذه الوسيلة ولا يصح أن يخالف العمل الشعار المرفوع وعندها لن تكون النصيحة بالمشاركة الحضور في المشهد السياسي مؤمناً شرعياً للدخول في هذا البرلمان، والإنسان على نفسه بصيرة’’.


الخلاف بين حركة «الممانعة» وتيار “المسايرة”
ويتجلى الخلاف واضحا بين الوفاق (المسايرة) وحركة الممانعة الجديدة في خطاب الشيخ علي سلمان في مشاركة له في قرية النبيه صالح الأسبوع الماضي، حيث أوضح موقف الوفاق من دخولها البرلمان وما الذي حققته في هذا الدخول، قائلا ‘’باختصار لأنه ذكر في عدة مواقف بعض الذي حقق لولا وجود 17 فردا لما وجد 300 مليون موازنة للإسكان، لولا وجود 17 لما أوقف قانون التجنيس الجديد ولما وضعت وثيقة للمدينة الشمالية 26 كيلو مشروع أسكاني ولذهبت كما ذهب غيرها، ولكن لانزال نسعى للإبقاء على هذا المشروع حتى يتم، ولم تطرح الـ 50 دينارا وهي قليلة في حق هذا الشعب، وتعديل قوانين وجزئيات كثيرة كانت ستطرح في المجلس وتم تغييرها بفعل وجود 17 يرفعون صوت المحرومين’’.


وبشأن التقارب بين المعارضة، قال ‘’نحن إخوة قد يكون بيننا خلاف وقد نتفق على مشروع نسير فيه مع بعضنا البعض وهذه تقديرات تعود لتشخيص الإخوة، هم يرونها بطريقة وغيرهم بطريقة ونحن بطريقة، ونحن نحترم جميع التوجهات والأطروحات ولا نفرض رأينا على احد ودعونا عن المعارضة (…) نحن إخوة في الدين ونتعامل على أساس ديني متحابين متوادين ولا تغرنا زخارف الدنيا، ونبقى إخوة وحتى لو اختلفنا، والله يوفق الجميع لمرضاة الله، فالجميع يعمل من اجل الله (…) ونبقى إخوة ولو اختلفنا فهذا هو ديننا (…) يجب ترك هذه الجدال والتركيز على العمل والمشروع المطروح والسير فيه، والله يوفق الجميع للخير’’.


وهي النقاط نفسها التي ركز عليها أثناء مشاركته في قرية كرانة نهاية الأسبوع الماضي، حيث قال ‘’كنا ولازلنا نعتقد أن المشاركة هي ورقة من أوراق نلعب بها، ومن يعتقد أن المشاركة وحدها سوف تحقق كل شيء فهو على خطأ، جهد البرلمان وجهد الكلمة وجهد المسيرة وجهد الخارج فهذه محصلة جهود نأمل أن تثمر إن شاء الله، ونحن بعثنا للخارج للمنظمات برسائل والحكومة لا تستطيع أن تقول إننا مخربون لأننا نواب شعب، وأنتم تعرفون كيف ينظر الخارج للنواب على أنهم ممثلون للشعب، ونحن شرحنا كل التراجعات التي حصلت’’.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى