لقاء مفتوح مع الأستاذ عبدالوهاب حسين

الموضوع : لقاء مفتوح مع الأستاذ عبدالوهاب حسين .
المكان : قرية باربار – مأتم الإمام الرضا ( ع ) .
المناسبة : مولد الإمام الحسن (ع) .
اليوم : مساء الخميس – ليلة الجمعة .
التاريخ : 14 / رمضان / 1425 هـ .
الموافق : 28 / أكتوبر – تشرين الأول / 2004 م .

محاور اللقاء

المحور الأول – المحور الديني ..

السؤال ( 1 ) : ما رأيك في مقولة : ” لولا صلح الإمام الحسن ما ثار الإمام الحسين عليهما السلام ” .

الجواب ( 1 ) :

في الوجه الظاهر : يصعب إيجاد الصلة ، فالإمام الحسين عليه السلام كان في وسعه أن يقوم بالثورة على يزيد بن معاوية بغض النظر عن وجود صلح الإمام الحسن عليه السلام .. أو عدم وجوده ، ولكن في الوجه الحقيقي الذي يتعلق بعمل الأئمة عليهم السلام كحاملي رسالة سماوية : المقولة صحيحة .

ولكي تتضح لنا الصورة أكثر ، أوضح مسارات عمل الأئمة عليهم السلام ..

 

لعمل الأئمة عليهم السلام في الحياة العامة ثلاثة مسارات رئيسية ..

المسار الأول – المسار الرسالي : وهو المسار الذي يعمل فيه الأئمة عليهم السلام بوصفهم يحملون رسالة السماء إلى الناس ، مثلهم في ذلك مثل الأنبياء عليهم السلام تماما ، وفيه يسعى الأئمة عليهم السلام لتحقيق متطلبات التبليغ بالرسالة ووصولها إلى الناس كما يجب .

المسار الثاني – الاهتمام بالشأن العام للمسلمين : وفيه يتحمل الأئمة عليهم السلام مسؤولياتهم كقادة ربانيين في إصلاح الأوضاع العامة للأمة الإسلامية وتطويرها . وهم عليهم السلام يتحملون هذه المسؤولية سواء كانوا في الحكم أو المعارضة ، ولا يقفون عليهم السلام من الشؤون العامة للمسلمين مواقف المتفرجين !!

قال الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ” من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ” صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

المسار الثالث – الاهتمام بالشؤون الخاصة للمؤمنين والمسلمين : وفيه يسعى الإمام لقضاء حوائج المؤمنين والمسلمين وإصلاحهم وهدايتهم ورعايتهم .. كأفراد . وهذه المهمة ذات أثر كبير في حصول العبد على لطف الله تعالى ورحمته .. وفيوضاته ، وعلينا أن نتعرف على هذه القيمة الكبيرة لهذا العمل النبيل في حياتنا ، فلم يكن الاهتمام بالشأن الرسالي وبالشأن العام ليشغل الأئمة عليهم السلام عن الاهتمام بالأوضاع الخاصة للمؤمنين والمسلمين .. كما يفعل معظمنا اليوم .

لنعلم أيها الأحبة الأعزاء : بأن الله تعالى لما كلم موسى بن عمران عليه السلام من جانب الطور .. كان عليه السلام خارجا في خدمة أهله ، فأنعم الله تعالى عليه بتكليمه ورسالته ، وهذا يدل على قيمة القيام بخدمة المؤمنين والسعي في قضاء حوائجهم .. كأفراد .

قال الله تعالى : { وهل أتاك حديث موسى . إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى . فلما أتاها نودي يا موسى . أني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى . وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى } ( طه : 9- 13 ) .

لأعود الآن إلى المسار الأول : فقد جاء في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، بأن الله تعالى قد أنزل على الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كتابا .. فيه عمل كل إمام ، وأن كل إمام يفتح الكتاب ويعمل ما أمره الله تعالى به .

وهذا يدلنا على أمرين ..

الأمر الأول : أن عمل الأئمة عليهم السلام في المسار الرسالي منصوص عليه ولا يخضع للاجتهاد .

الأمر الثاني : أن عمل الأئمة عليهم السلام في المسار الرسالي العظيم يمتاز بالتراكم : أي أن عمل كل واحد منهم عليهم السلام يكمل عمل من سبقوه من الأئمة والأنبياء عليهم السلام .

ومن المعلوم لكم – أيها الأحبة الأعزاء – أمر الانقلاب بعد الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .. على أهل البيت عليهم السلام ، ومن المطلوب رساليا أن يعالج أهل البيت عليهم السلام آثار ذلك الانقلاب في سبيل وصول الرسالة إلى الناس كما يجب ، لألا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، وقد تطلب ذلك منهم عليهم السلام التالي ..

أولا – إقامة الدليل على إمامتهم ومرجعيتهم للأمة ، وسحب بساط الشرعية من تحت الخلفاء .

ثانيا – ثم التبليغ بالإسلام الصحيح وبناء كيان الشيعة على أساسه .

وقد وقعت مسؤولية إقامة الدليل على إمامتهم ومرجعيتهم للأمة عليهم السلام ، وسحب بساط الشرعية من تحت الخلفاء – بصورة خاصة – على عاتق الإمام علي بن أبي طالب .. وولديه : الحسن والحسين عليهم السلام ، وهذا لا يعني أن باقي الأئمة عليهم السلام لم يعملوا من أجل هذا الهدف ، ولكن الجانب التأسيسي لهذا الهدف ضمن حالة التسلسل المنطقي التراكمية التكاملية لعمل الأئمة عليهم السلام ، وقعت مسؤوليته على عاتق الإمام على بن أبي طالب وولديه : الحسن والحسين عليهم السلام .

وكانت هناك حالة تراكم وتكامل في عملهم عليهم السلام : فقد وجدنا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام قد أنجز الجانب العلمي من المهمة ، حيث نجح في إقامة الدليل العلمي على ذلك ، ثم جاء دور الإمام الحسن عليه السلام .. فأقم الدليل الحسي على عدم صلاحية معاوية للخلافة ، وأن على الأمة أن ترجع لأهل البيت عليهم السلام في أمور دينها ودنياها ، ثم جاء دور الإمام الحسين عليه السلام ، فأقام الدليل القطعي بشهادته عليه السلام باستحالة أن يكون يزيد خليفة للمسلمين ، وليس للمسلمين من سبيل إلا الرجوع لأهل البيت عليهم السلام في أمور الدين والدنيا .

هذا – أيها الأحبة – جانب من التراكم والتكامل في عمل أهل البيت عليهم السلام ، نستطيع من خلاله .. أن نبصر جانبا من صحة المقولة السابقة .

السؤال ( 2 ) : هل كان صلح الإمام الحسن عليه السلام موقف خاص به ؟ أم هو موقف عام يقتدى به في التعامل مع الأحداث التي تشابه ظروفه وزمانه ؟ أم ماذا ؟

الجواب ( 2 ) : صلح الإمام الحسن عليه السلام موقف عام يقتدى به في التعامل مع الأحداث التي تشابه ظروفه وزمانه .. وليس موقف خاص بالإمام الحسن عليه السلام .

ومن الضروري أن نفهم مسألتين رئيسيتين في عمل أهل البيت عليهم السلام ..

المسألة الأولى : أن عمل أهل البيت عليهم السلام حجة كأقوالهم ، وهي لا تختلف .. وإنما يعاضد بعضها بعضا ، فكما أن أقوال أهل البيت عليهم السلام لا تختلف وإنما يعاضد بعضها بعضا لمعرفة الحكم الشرعي والمفهوم الإسلامي .. كذلك أفعالهم .

وهذه ظاهرة كفيلة بوحدها على إقامة الدليل على إمامة أهل البيت عليهم السلام !!

فهل رأيتم في طول الحياة وعرضها : أن شخصين يتفقان في كل الجزئيات والتفاصيل ؟

الجواب : أنه لا يوجد قطعا !!

والسؤال : كيف حصل التوافق التام بين أربعة عشر شخص .. وهم : الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وابنته الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ، والأئمة الإثنى عشر عليهم السلام ، وقد امتدت حياتهم لأكثر من قرنين ونصف ( 250 سنة ) وفيهم من لم يلتقي بأبيه إلا سنوات قلية في مرحلة الطفولة .. مثل : الإمام الجواد وأبيه الرضا عليهما السلام ، حيث كان الإمام الجواد عليه السلام في المدينة وأبوه الإمام الرضا عليه السلام في خرسان ، ولم يبلغ الإمام الجواد عليه السلام سن العاشرة يوم توفي أبوه الإمام الرضا عليه السلام ، وهذا ليس ادعاء ، وإنما حقيقة فعلية ، والدليل عليها كتب الحديث عند الشيعة ، وأن الفقهاء والعلماء يتعاملون معها كذلك لاستنباط الأحكام الشرعية ومعرفة المفاهيم الإسلامية ، ومن يقول خلاف ذلك فعليه أن يقيم الدليل !!

ومما يؤسف له حقا : أن بعض المتعصبين ضد الحقيقة ، بدلا من الخضوع لها .. يشنع على الشيعة بقوله : أن الرافضة يجوزون الإمامة في الأطفال الذين لم يبلغوا سن التكليف !!

المسألة الثانية : أن عمل أهل البيت عليهم السلام لتحقيق أهدافهم على كافة الأصعدة : الرسالية والمجتمعية .. غير معزول عن الواقع الذي يعيشون فيه ، فهذه سنة العمل في الحياة الدنيا التي يؤدون رسالتهم فيها ، وهذا الواقع هو الذي يفسر الاختلاف في أشكال العمل والمواقف بين أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ويجب أن ننظر إليها كذلك لكي نستطيع الاستفادة منها والإقتداء بهم عليهم السلام .. كما هو مطلوب منا دائما .

فالاختلاف في المواقف لا يعود لاختلاف الأشخاص ، وإنما لاختلاف الظروف الموضوعية ، تماما كما كان الحال مع الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث كان يرفض الموجهة مع الأعداء في مكة .. ويقول لأصحابه : أمرت بالعفو ، أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، فلما انتقل إلى المدينة المنورة قاتل الأعداء حتى هزمهم ، وهو شخص واحد ، وذلك لاختلاف الظروف الموضوعية في المرحلتين .

وهذا ما ينبغي أن يعرفه المؤمنون المخلصون ويعملوا به في سبيل الإقتداء بأهل البيت عليهم السلام .

السؤال ( 3 ) : الملاحظ أن بعض المتخاذلين عن نصرة الحق والدفاع عن المظلومين .. يجعلون صلح الإمام الحسن عليه السلام مبررا لهم .

ما هو تعليقكم على ذلك ؟

الجواب ( 3 ): هذه إساءة كبيرة لمقام الإمامة والإمام ، فكافة الأئمة عليهم السلام أنصار لله تعالى .. بحق ، مخلصون لربهم ولدينهم وللناس ، لا تأخذهم في الله تعالى لومة لائم ، وهم يعملون بإخلاص وواقعية .. بعيدا عن كل ضعف وعصبية . فهم في الوقت الذي هم فيه مستعدون كل الاستعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل الله تعالى .. ولا يمكن لأي قوة أن تصرفهم عن ذلك ، فهم مستعدون أن يلزموا الصمت – كل الصمت – إذا كانت مصلحة الدين والناس تتطلب ذلك – حسب الظروف الخارجية – ولا يمكن لأي قوة أن تستفزهم للخروج عن صمتهم ، والمخلصون من المؤمنين يبحثون عن خلفيات مواقفهم عليهم السلام للإقتداء بهم عليهم السلام .. في لزوم طريق التضحية أو الصمت ، ولا يركبون ظلما وعدوانا ظهورهم لتبرير عصبيتهم الجاهلية أو ضعفهم وتهالكم على الدنيا .

وبهذه المناسبة أرغب في توجيه الأنظار إلى صنفين من القيادات الضعيفة التي يجب أن نتعرف عليهما في حياتنا العامة ونأخذ وضعها بعين الاعتبار .. وهما :

الصنف الأول : يمتلك الشجاعة الأدبية ليعترف بضعفه ولا تأخذه العزة بالإثم ليدخل الناس في أوضاع غير صحيحة بسبب ضعفه ، فيعتزل المسؤولية من أجل ذلك ، ويترك للناس أن يختارون لأنفسهم وهم على بصيرة من أمرهم ، وهذا سلوك حضاري مسؤول ، ويتناسب مع شرف الأمانة الدينية والأخلاقية .

الصنف الثاني : لا يمتلك الشجاعة الأدبية للاعتراف بضعفه وتأخذه العزة بالإثم . وبدلا من الاعتراف بالضعف : يقوم بصياغة ضعفه في صورة منهج يضع له المبررات الدينية والسياسية ليخدع الناس ويدخلهم في أوضع تضيع عليهم مصالح الدنيا والآخرة .

وهذا خلاف الأمانة الدينية والأخلاقية ، وعواقبه وخيمة على الإنسان في الدنيا والآخرة .. نعوذ بالله تعالى من ذلك .

المحور الثاني – المحور السياسي

السؤال ( 4 ) :هل لا زال الأستاذ يمارس عمله السياسي في الحركة المطلبية ؟ كيف ؟

وبأي درجة ؟

الجواب ( 4 ) : نعم .. فأنا لم أعلن توقفي عن العمل السياسي ، فليس في وسعي التخلف عن خدمة ديني ووطني وأبناء شعبي ، وإنما أعلنت : أأني لست في دائرة صناعة القرار السياسي ، وتوقفت عن الخطاب الخاص بهذه الدائرة ، ولم أتوقف عن الخطاب الذي يتعلق بتقديم وشرح الرؤى الإسلامية في الشأن العام وبث الوعي الإسلامي بين أبناء الشعب .. وكافة المسلمين ، وسوف أستمر في ذلك – إن شاء الله تعالى .

كما إني التزمت بوعدي في الإبقاء على الاتصال بالرموز والقيادات السياسية : الإسلامية والوطنية ، وإعطائهم المشورة بما أراه مناسبا أو مطلوبا في المسائل والقضايا المتعلقة بالساحة الوطنية .. حين يطلبون مشورتي .

وقد شاركت في حوار المعارضة مع السلطة ضمن الأعضاء الممثلين لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية برئاسة فضيلة الشيخ علي سلمان .. رئيس الجمعية ، وذلك حين رغبوا في ذلك ، وقدرت بأن مشاركتي مطلوبة ومفيدة فيه .

والخلاصة : ( أن المؤمن البصير : لا يتخلى عن تكليفه وواجباته الشرعية والوطنية ، ولا ينافس على الحطام ، ويأتي بما هو مناسب في الوقت المناسب ، ولا تأخذه في الله تعالى لومة لائم ) .

السؤال ( 5 ) : عرف عن الأستاذ موقفه الذي طرحه في توقيت التوقيع على العريضة الشعبية والتي كان يفضل أن تطرح قبل مشروع الفورمولا ( 1 ) .

هل يرى الأستاذ إن ضعف اهتمام الحكومة بأمر العريضة ومحاولة تهميشها يرجع إلى خطأ التوقيت؟ أم أن هناك سبب آخر؟

الجواب ( 5 ) : تأجيل التوقيع على العريضة ، وتحويلها من عريضة شعبية إلى عريضة جمعيات .. ثم تجميدها وإبطال مفعولها وتضييع قيمتها السياسية، كل ذلك بسبب أخطاء منهجية في العمل والإدارة السياسية لدى المعارضة ، وهذا ما ينبغي التركيز عليه في تقييم أداء المعارضة .. بدلا من التركيز على المسائل الجزئية التي لا يضر الاختلاف فيها كثيرا ولا يغير نوعيا في النتائج متي سلمت المنهجية .

السؤال ( 6 ) : ما تقييم الأستاذ إلى الحركة المطلبية في البحرين في الوقت الحاضر ؟

وما يتوقعه إليها ؟

هل تبشر بخير ؟

أم هل أن الحركة تم وأدها بما يُسمى بمشروع الإصلاح ؟

الجواب ( 6 ) :-

الحركة المطلبية التي تقودها الجمعيات السياسية في البحرين في الوقت الحاضر ، تعاني من جوانب خلل عديدة .. منها :

أولا – عدم وضوح الرؤية في الأهداف واستراتيجية التحرك .

ثانيا – أخطاء منهجية في الإدارة السياسية .

ثالثا – غياب الإرادة الجدية الفاعلة في المطالبة ومواجهة ألاعيب السلطة للالتفاف على المطالب الشعبية العادلة .

رابعا – الانفصال عن الجماهير .

خامسا – ضعف التنسيق بين القوى الفاعلة في الساحة الوطنية ، وعدم الوضوح في أطره ، وعدم الدقة في آلياته المستخدمة .

وأعتقد بأن الأفق السياسي للجمعيات السياسية – حسب المؤشرات الحالية – يتجه نحو الانغلاق ، والمنهجية المتبعة حاليا غير قادرة على فتحه ، وما لم تتغير المنهجية الحالية فسوف تتحول الجمعيات إلى وجودات كارتونية ، وهذا ما سبق لي أن حذرت منه .. ولا زلت .

غير إنني غير متشائم من المستقبل: فالجماهير سوف تأخذ بزمام المبادرة وتغير المعادلة لصالحها .. وهذا جشمي فيهم .

إنني أأكد لكم في هذه المناسبة كما أكدت في غيرها : بأن مستقبلنا في ظل غياب دولة المؤسسات والقانون .. هو في مساجدنا ومآتمنا وليس في غيرها . والمطلوب منا : أن نوليها المزيد من الاهتمام والعناية وأن نفعل أدوارها ونطور من أدائها .. وهذا في غاية الإمكان .

المحور الثالث – المحور الاجتماعي

السؤال ( 7 ) : ما تقييم الأستاذ إلى جيل ما بعد الانتفاضة ومدى اهتمامه بالسياسة؟

الجواب ( 7 ) : الشعب البحريني شعب متدين رسالي ويمتاز بالتالي ..

أولا – الحضور الفاعل في ساحة الصراع .. والمطالبة بالحقوق .

ثانيا – الوفاء لقياداته الشعبية المخلصة .

ثالثا – استعداده للتضحية والاستشهاد من أجل دينه وقيمه وكرامته وحقوقه .

وأعتقد بأن الشعب البحريني : قادر على فعل المعجزات من أجل الحصول على حقوقه والتقدم بوطنه ، لو توفرت له القيادة المؤهلة التي تواكب طموحاته وتطلعاته إلى الحق والعدل والحرية والكرامة .

إنني بكل أمانة .. أقول : الخلل ليس في الناس بقدر ما هو موجود في الفراغ القيادي والمنهجية المتبعة في القيادة والإدارة السياسية !!

السؤال ( 8 ) : ما سبب عزوف الشباب في هذه الأيام عن الاهتمام بطلب العلم والدراسة وعدم الإقبال على الثقافة والقراءة والإطلاع .

الجواب ( 8 ) : قبل أن أبدء الإجابة على السؤال ، أود التنبيه إلى وجود حالتين سلبيتين لدى بعض النقاد ينبغي الانتباه إليهما .. وهما :

الحالة الأولى : أن بعض النقاد يمارس النقد ضد الآخرين في سبيل تبرير ضعفه وفشله .

الحالة الثانية : أن نفس بعض النقاد مالئة عين نفسه ، وهو في سبيل أن يمدح نفسه يكيل الذم للآخرين .. فيقول مثلا : بأن الناس غير واعين وغير مهتمين ، ليثبت العكس .. أي أنه واعي ومهتم ، وهذه من وساوس الشيطان الرجيم التي يجب أن نحذر منها .

والمطلوب منا : أن ندقق في وضع النقاد ونحن نستمع انتقاداتهم للناس .

أما عن عزوف الشباب عن الثقافة والتعليم فهي حالة موجودة وأسبابها كثيرة .. منها :

أولا – أسباب تتعلق بالوضع العام .. مثل : البطالة والفقر وسوء الأحوال المعيشية والتمييز الطاثفي بين المواطنين في إتاحة فرص التعليم والتوظيف والترقية ، والتخلف في الوضع السياسي والتراجع عن الإصلاحات وتقييد حرية الكلمة والحريات العامة .. وما ينجم عنها من أوضاع ومشاكل ، كلها عوامل لها تأثيراتها السلبية على مستوى الاهتمام بطلب العلم والثقافة ، حيث تشغل بال المواطنين وتصرف اهتمامهم عن الثقافة والتعليم .

ثانيا – توفر وسائل الثقافة السهلة .. مثل : التلفزيون والانترنت .

ثالثا – ضعف الإرشاد والتوجيه العام من مصادره المختلفة : الرسمية والأهلية .

ولكن إذا أخذنا كل هذه الأسباب بعين الاعتبار ، وقسنا إليها مستوى الاهتمام بالتعليم والثقافة لدى الشعب البحريني .. نجد أنه في مستوى متقدم نسبيا .

أيها الأحبة الأعزاء : إن الأوضاع التي يعيشها شعبنا المؤمن الصبور ، يشيب لهولها الطفل الصغير .. وتزول من فجيعتها الجبال ، ولكن شعبنا المؤمن الصبور يواجهها بإيمانه وانتمائه الإسلامي الأصيل ، ويقاومها بوعي منقطع النظير .. وأؤكد لكم : بأن الخروج من المأزق الذي نعيش فيه يحتاج إلى تفكير وعمل نوعيين ، وأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو التعليم ، فإذا أردتم الخروج منه فعليكم بالتعليم والصبر والمقاومة .. وإلا فإنه لا سبيل إليكم للخروج من المأزق .

عليكم أن تتحملوا وتضحوا من أجل تعليم أنفسكم وأبنائكم في سبيل تصحيح المعادلة الظالمة القائمة حاليا في البلاد .

السؤال ( 9 ) : ما نصيحة الأستاذ إلى الشباب ؟

الجواب ( 9 ) : أنصحهم بالتالي .

أولا – أن ينظروا إلى الحياة بمسؤولية كبيرة وأن يتعاطوا معها بجدية بالغة ، وأن يتحملوا مسؤولياتهم العامة في الحياة ولا يتخلوا عنها .. ليعيشوا فيها بكرامة .

ثانيا – أن يتمسكوا بمنهج ربهم جل جلاله في الحياة .. ولا يبتغوا عنه بدلا ، وأن يدققوا فيما يلقى عليهم من الأفكار ، وما يطرح عليهم من مواقف عامة ، ولا يأخذوها جزافا .. فتصيبهم الحسرة والندامة يوم القامة .

ثالثا – أن يكون عملهم لله تعالى .. والآخرة ، ولا ينسوا نصيبهم من الدنيا .

رابعا – أن يكون لديهم اهتمام كبير بالعلم والعمل به ، فهما السبيل لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، ونحن في أمس الحاجة إلى العلم والعمل النوعي الواعي من أجل قلب المعادلة وتصحيح الوضع ، للخروج من المأزق الذي تعيشه الأمة الإسلامية في الوقت الراهن ، حيث التخلف وسيطرة قوى الاستكبار العالمي والحكام المستبدين عليها .

خامسا – أن يعلموا بأن مقاومة قوى الاستكبار العالمي ، والحكومات المستبدة ، وبناء الحياة الصالحة في الدنيا ، والعيش في ظل الكرامة والحرية والاستقلال ، يحتاج إلى جهاد النفس وتزكية الروح ، وأن يكون أساسه إلهيا منبعثا من المعارف الإلهية والأحكام الشرعية .. لتكون ثماره طيبة في الدنيا والآخرة .

قال الرسول الأعظم الأكرم الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم : ” من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى مال يصيبه أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ” .

وعليه فإني أوصيهم : إذا أرادوا العزة والكرامة ومقاومة قوى الشر والاستكبار .. أن يتوجهوا إلى الحياة المعنوية والروحية ، ليكون جهادهم في سبيل الله تعالى .. وليس جهادا ماديا بائسا ، ويحصلوا على ثماره الطيبة في الدنيا والآخرة .

سادسا – أن يعلموا بأن الأخلاق وحسن المعاملة مع الناس ، هما المؤشر على الاستفادة العملية من العقيدة والعبادات ، فقيمة ما يتعلمه الإنسان من العقيدة وما يؤديه من العبادات يتجسد في أخلاقه ومعاملته مع الناس .. وهما الحسنة التي تنفع صاحبها في الدنيا مع الناس وفي الآخرة مع الله تعالى .

قال الله تعالى : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } (البقرة : 201)

جاء في أحاديث أهل البيت عليهم السلام : أن الحسنة هي حسن الخلق وحسن الصحبة وسعة المعيشة في الدنيا ، ورضوان الله تعالى والجنة في الآخرة .

وعليه فإني أنصحهم : بأن يكون لهم اهتمام كبير بتنمية أخلاقهم ، وحرص شديد بالغ على حسن المعاملة مع الناس .

المحور الرابع – المحور الشخصي

السؤال ( 10 ) : كيف يقضي الأستاذ وقت فراغه ؟

الجواب ( 10 ) : ليس لدي وقت فراغ ، وأعاني من سوء الترفيه .. وأحب شيء إلي: العبادة والقراءة وصلة الرحم ومجالسة المؤمنين.

السؤال ( 11 ): ما هي هواية الأستاذ ؟

الجواب ( 11 ): أقضي أعز أوقاتي ومعظمها .. في المكتبة .

السؤال ( 12 ) : هل يمارس الأستاذ الرياضة البدنية ؟ ما نوع الرياضة التي يمارسها ؟

الجواب ( 12 ) : أمارس الرياضة بصورة قسرية ، حيث أن مكتبتي في الطابق الثالث .. وأصعد إليها وأنزل يوميا مرات عديدة .

السؤال ( 13 ) : ما هي أفضل سورة مولع الأستاذ بقراءتها ؟

الجواب ( 13 ) : أدمن قراءة الفاتحة والتوحيد والقدر وآية الكرسي والآيات الأربع الأخيرة من سورة الحشر .. وآيات أخرى ، وأجد رقة في القلب وتأثر شديد لقراءة وسماع سورة يوسف الصديق عليه السلام . أسأل الله بأسمائه الحسنى كلها أن يحسن لي العاقبة وأن لا يتوفاني حتى يرضى عني إنه رؤوف رحيم.

السؤال ( 14 ): ما هي أفضل حكمة يعمل بها الأستاذ ؟

الجواب ( 14 ) : إن عملي لن يعمله غيري ، ولن يسأل عنه أحد سواي ، وأن الزمان الذي يفصل بيننا وبين القيامة .. لا يكاد يذكر . فمهما طال عمر الإنسان فهو قصير .. قصير .. في امتداد الزمن ، فهو أقل من القطرة في بحار الدنيا كلها ، وأن الإنسان – مهما طال عمره – فإنه يشعر عند الموت وكأن عمره كله مجرد لحظة قصيرة ينتقل فيها من حال إلى حال .

يقال : أن نبي الله نوح عليه السلام لما جاءه ملك الموت ، كان في الشمس فطلب من ملك الموت أن يسمح له بالانتقال إلى الظل .. أو العكس ، فسمح له فقال : إن عمري كله – وقد عاش أكثر من ألف وخمسمائة سنة – كانتقالي هذا من الشمس إلى الظل .

والإنسان بعد الموت إما أن يدخل إلى النعيم أو إلى العذاب وإما أن لا يشعر إلا وقد قامت القيامة .. وكأنه نام ليلا واستيقظ في الصباح .

فالزمن الذي يفصل بيننا وبين يوم القيامة .. لا يكاد يذكر ، وأن الله جل جلاله : لا يخدع ولا يضل ولا ينسى .

ومن جهة ثانية : أنا أشعر بضعفي كإنسان ، أنا أشعر بأنني إنسان ضعيف جدا في الحياة ، وعندما أشعر بضعفي أمام موقف من المواقف أو وضع من الأوضاع ، فإنني أتذكر ضعفي وقلة حيلتي أمام الله تعالى جبار السماوات والأرض ، فأتقوى على مواجهة ذلك الموقف أو الوضع ، لأني أقطع بأن لي قوة ولي حيلة في مواجهة ذلك الموقف أو الوضع مهما كبر ومهما كان صعبا .. ولكن لا قوة لي ولا حيلة في مواجهة الله المنتقم العزيز الجبار ، أسأل الله تعالى لي ولكم الرحمة والغفران في هذا الشهر العظيم المعظم .

والمطلوب منا أيها الأحبة : الإخلاص لله تعالى في السر والعلن ، وأن نكون أقوياء في مواجهة الظلم والفساد والانحراف ، لأن ذلك هو السبيل الوحيد للخلاص من الخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة .

السؤال ( 15 ) : لو يحكي لنا الأستاذ موقف طريف من السجن ؟

الجواب ( 15 ) : أنقل لكم موقفين ..

الموقف الأول : نقله لي فضيلة الشيخ على عاشور ، وهو لطفل في سجن الحد الصغير ( مركز صغير للشرطة ) حيث كان فضيلة الشيخ هناك في سجن إنفرادي .. في بداية اعتقاله الثاني ، وكان في المركز ما يقارب ( 25 : طفلا ) لا يتجاوز أكبرهم سنا ( 16 : عاما ) وقد قاموا بإضراب عن الطعام من أجل تحسين أوضاعهم في السجن ، فجاءهم ضابط من سجن الحد الكبير ( مركز الأمن ) للتفاهم معهم ، وقد اتفق الأطفال على أن يتكلم أصغرهم سنا – وكان عمره ( 12 : عاما ) – نيابة عنهم .. في سبيل أن يأمنوا عادية الضرب ، فقام هذا الطفل بعمل مسدس من الفلين الأبيض ، فلما حضر الضابط للتفاهم معهم ، قام الطفل بوضع المسدس في رأسه ( أعني رأس الطفل نفسه ) وقال مخاطبا الضابط : ” إذا لم تستجيبوا لمطالبنا فسوف أقتل نفسي ” فضرب الضابط كفا بكف تندرا .. فقال الطفل للضابط : ” لا تظن أنا صغير ، إذا لم تفرجوا عنا ، فسوف يأتكم هنا أطفال بحفاظاتهم ” .

لقد تأثرت كثيرا بمقولة هذا الطفل وصموده ووعيه ، وحمدت الله تعالى بأن يوجد من بين أطفالنا من يحمل مثل هذا الوعي والروحية والصمود ، وشعب يحمل أطفاله مثل هذه الروح لا يخذله الله تعالى .. ولابد أن ينتصر بنصر الله تعالى له .

الموقف الثاني : كان معي في السجن بعض الوقت فضيلة الشيخ محمد الرياش ، وفي يوم من الأيام اشتكى من ألم في الصدر ، وكان يزورنا دوريا كل أسبوع ممرض باكستاني أسمه ( مختار ) وكان سمين الجثة ، فاشتكي له الشيخ من ألم الصدر .. وقال : أخاف يكون القلب . فقال له الممرض – بلهجته الباكستانية المكسرة : أنت ما يصير يجيك القلب ، أنت تيس بحريني – يقصد أن جسم الشيخ نحيف ، فرد عليه الشيخ بغضب : وأنت ثور باكستاني .

السؤال ( 16 ): ما هو العمل الذي يحرص الأستاذ على تأديته كل أسبوع ؟

الجواب ( 16 ) : الوجبة العائلية المشتركة كل أسبوع ، مع والدتي وإخواني وعوائلهم .

السؤال ( 17 ) : ما أفضل فاكهه يحبها الأستاذ ؟

الجواب ( 17 ) : أفضل من الطعام : الفواكه والخضروات ، ومن الفواكه : البرتقال والتين والزيتون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى