لقاء صحيفة الوقت

الموضوع : النص الكامل للقاء الصحفي لصحيفة الوقت البحرينية مع الأستاذ عبد الوهاب حسين .
التاريخ : 12 / رجب / 1430هج .
الموافق : 5 / يوليو ـ تموز / 2009م .

صحيفة الوقت ـ الصحفي أحمد الملا .
• هناك فئة تتجاهل دور عبد الوهاب حين الحديث عن إيجابيات الميثاق، وتتجاهل دور الشركاء الأساسيين، مثل : سماحة الشيخ الجمري، وسماحة السيد عبد الله الغريفي، حين الحديث عن سلبيات الميثاق، وهذا سلوك غير نزيه .
•  لم يكن الخروج من التوعية ناتج عن أي اختلاف في الرأي في داخل الجمعية، ولكنه كان استجابة لنصيحة بعض العلماء الأجلاء .
•  إنما يخشى من النقد الموضوعي النزيه المبطلون والظالمون والمستبدون والضعفاء الذين لا يملكون الثقة في أنفسهم وفي أطروحاتهم ومواقفهم، لأن النقد يفضح باطلهم وظلمهم وضعف أدائهم ودورهم .

  • المرجعية الدينية العليا للتحرك الجديد هي مرجعيات التقليد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهي مرجعية لا يختلف حولها المؤمنون ولا تؤدي إلى التنازع بينهم .
    •  التحرك سوف يكون من دعامات الوحدة والعمل الوطني المشترك القائم على التكافىء بين الشركاء، واحترام كافة حقوقهم، وعدم التعالي عليهم، أو ابتزازهم، أو التقليل من شأنهم، أو تهميشهم، ونحوه .
    •  لامانع من جعل سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) على رأس الهيئة القيادية المشتركة بالتوافق عليه إذا رغب في أن يكون مظلة للجميع .لسنا في حاجة لإخفاء مسألة الثقة في سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) لأنها ليست موضوع نزاع أو اختلاف بين المؤمنين أو الوطنيين الشرفاء .
    •  لا يوجد اختلاف حول حق النواب في مكافأة تقاعدية، ولكن تفاصيل القانون، وواقع المؤسسة البرلمانية ودورها، وواقع الحياة المعيشية وغيرها للمواطنين، أخرج المكافأة التقاعدية للنواب طبقا للقانون المذكور، من دائرة الحق إلى دائرة الرشوة والفساد والمقايضة الخسيسة .
    •  الموقف من قرار المشاركة لا ينفصل عن الموقف من المسألة الدستورية وأوضاع البلاد والملفات الساخنة الأخرى . وكلما كبرت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، كلما صعبت عملية الإصلاح، وبعدت المسافة أكثر للوصول إليها .
    •  الإرادة الجدية للتغيير والإصلاح الوطني، تكون من خلال العمل الوطني المشترك لقوى المعارضة من خارج هذا البرلمان الصوري للضغط على السلطة لكي تستجيب استجابة فعلية وحقيقية للإصلاح .
    •  أتعامل مع الآخر المختلف على أساس العدل كحد أدنى، وربما على أساس المحبة .
    •  لا حاجة لتوجس الإسلاميين من غيرهم، ويمكن أن تقوم العلاقة بين الجميع، على قاعدة : أن يحتفظ كل طرف بخصوصياته الايديولوجية والسياسية، ويتعاون الجميع على المشتركات الوطنية .
    •  لا توجد في البحرين وسائل إعلام حرة، تستطيع نقل الأخبار والقناعات وتعمل على تشكيل المفاهيم والتوجهات بصدق وحرية كافية . إلا أن هذا لا يعني تجاهلها من قبل المعارضة .
    •  قد تجاوزنا الآن مسألة الميثاق، وأصبح الشعب بعد الانقلاب على الميثاق والدستور العقدي في حل من التزاماته التي صوت عليها في الميثاق، والمطلوب اليوم: هو وضع دستور جديد من خلال هيئة تأسيسية منتخبة ليس للمجنسين سياسيا استثناء أي دور فيها .

الوقت : يلقي الكثيرون باللوم على الأستاذ عبد الوهاب، ويعتبرونه مسئولاً مباشراً عن تردي الوضع السياسي في البلد، بسبب مسئوليته المباشرة – كما يرون – عن توجيه الشعب بفئاته المختلفة للتوقيع على الميثاق، فكيف ترد على ذلك؟
الأستاذ : نعم !! لقد كان لي دور محوري في الدعوة للتصويت بنعم للميثاق، وهناك فئة تتجاهل دور عبد الوهاب حين الحديث عن إيجابيات الميثاق، وتتجاهل دور الشركاء الأساسيين، مثل : سماحة الشيخ الجمري، وسماحة السيد عبد الله الغريفي، حين الحديث عن سلبيات الميثاق، وهذا سلوك غير نزيه . وأنا اعتقد بأن التصويت بنعم للميثاق كان قرارا صائبا، والسلبيات هي نتيجة للانقلاب عليه وليس للعمل به . وأنا لا أجد أحدا من الذين قد عارضوا التصويت بنعم للميثاق، قد أوجدوا لأنفسهم أوضاعا مواجهة للميثاق، بل اعتبروا الميثاق أحد مرجعياتهم الأساسية في العمل السياسي، ووثقوا أوضاعهم استنادا إليه، ومع ذلك يتبجح بعضهم إلى الآن ـ مع الأسف الشديد ـ بموقفه المعارض للميثاق !!
الوقت : يرى البعض أن الأستاذ عبد الوهاب حسين عاجز عن العمل في إطار مؤسسي،وأنه خرج من جمعية التوعية والوفاق بسبب هذا التوجه، فإلى أي حد يعتبر هذا الأمر دقيقاً ؟
الأستاذ : لم يكن الخروج من التوعية ناتج عن أي اختلاف في الرأي في داخل الجمعية، ولكنه كان استجابة لنصيحة بعض العلماء الأجلاء، بهدف المحافظة على الجمعية الدينية التوعوية في ظروف أمنية وسياسية صعبة، وذلك نظرا للصبغة السياسية الطاغية ـ بنظر أصاحب النصيحة ـ لعبد الوهاب .
أما عن الوفاق : فلم تكن استقالة عبد الوهاب الوحيدة، وإنما كانت ضمن استقالات لعدد من المؤسسين الأساسيين للوفاق . وما ذكر في السؤال من العجز، هو جواب العاجزين حقيقة عن تقديم تفسير منطقي لصدمة هذه الاستقالات من الجمعية، وإحدى المقولات المخالفة للواقع والمعاكسة لنتائج التجارب، وتدخل في دائرة التوجيه السيء الممنهج الهادف لتضليل الرأي العام .
الوقت : يعتبر البعض الأستاذ عبد الوهاب مسئولاً عن تسقيط رموز المعارضة بسبب ما يدعوا له من نقد لأداء هذه الشخصيات، فهل هذا صحيح ؟
الأستاذ : النقد الموضوعي النزيه من صميم عقيدة التوحيد، لأن عقيدة التوحيد تفرض على الموحد ملاحقة الحق في الأطروحات والعدل في المواقف، ولا يتحصل ذلك بالاتباع الأعمى، وإنما بالنقد الموضوعي النزيه للأطروحات والمواقف . والنقد الموضوعي النزيه شرط للتصحيح والتطوير لكل حركة فكرية أو عملية، سياسية أو أقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، ولا يمكن أن يحصل التصحيح والتطوير في أية حركة فكرية أو عملية بدون النقد . ولهذا تجد كل مخلص لدينه ولوطنه ولدوره في أي حقل من حقول المعرفة والعمل، يطلب النقد ولا يخشى منه، إنما يخشى من النقد الموضوعي النزيه المبطلون والظالمون والمستبدون والضعفاء الذين لا يملكون الثقة في أنفسهم وفي أطروحاتهم ومواقفهم، لأن النقد يفضح باطلهم وظلمهم وضعف أدائهم ودورهم . وأنا أقصر النقد فقط على الأطروحات والمواقف العامة وعلى الأداء في الشأن العام المرتبط بالمصالح العامة للناس، وأراعي المصلحة العامة : الإسلامية والوطنية، ولا أمس بالنقد ذوات الأشخاص، ولا أمارس النقد للمارسات والقضايا الشخصية، ولا أرد على الإساءات الشخصية لي وهي كثيرة . والقول بالتسقيط بناء على ممارسة النقد، قول ساقط من الاعتبار العلمي والسياسي الراقي، وهو نتيجة للعجز عن الرد العلمي على النقد من خلال مقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل، واستبدال ذلك بالتوجيه السيء الممنهج، بزعم أن النقد يؤدي إلى تسقيط الرموز والعلماء . ولم يكتفي المروجون لهذه المقولة الباطلة والظالمة بالترويج لها على نطاق واسع في الداخل، حتى أصبحت تلاحقنا بصلافة وجهل في كل مكان، بل سارت بها الركبان إلى خارج البلاد !! وهو سلوك مشين وساقط روحيا وأخلاقيا وفي نطاق السياسة النظيفة، ويدخل عندي في دائرة السعي للقتل الأدبي الذي اعتبره أشنع من القتل المادي، وللأسف تقف وراءه مصالح دنيوية فانية قد لبست لباس الدين والقدسية !!
الوقت : الجماهير في فكر الأستاذ لهم طبيعة مختلفة يجالسهم ويحاورهم فكيف احتلت الجماهير هذه المكانة لدى الأستاذ؟
الأستاذ : الجماهير هم الذين يخدمون باخلاص وليس من أجل المصالح الضيقة، فهم أهل الصدق والوفاء والنصيحة الذين لا يريدون سوى الخدمة للآخرين . وهم المستهدفون بالدرجة الأولى في التوعية والتربية الصالحة : الإسلامية والوطنية، بدون هضم حق غيرهم أو الانتقاص منه . وهم القاعدة الأولى لكل حركة إصلاحية جادة وصادقة، فبدونهم لا يمكن أن يحدث الإصلاح الحقيقي في أي بلد في العالم . والعمل معهم رمز الصدق والاخلاص والوفاء ( مقابلة الاحسان بالاحسان ) والتواضع والالتزام بالقيم والمباديء الإسلامية والإنسانية الراقية، ودليل على الفهم الواقعي لسنن الحياة والتغيير .
الوقت : يتهم البعض “التحرك الجديد” أنه يحاول أن يوجد “مرجعية رديفة” لمرجعية الوفاق فما تعليقك على ذلك؟
الأستاذ : المرجعية الدينية العليا للتحرك الجديد هي مرجعيات التقليد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهي مرجعية لا يختلف حولها المؤمنون ولا تؤدي إلى التنازع بينهم، فالتحرك لم يأتي بمرجعية دينية جديدة رديفة أو غير رديفة . والقائمون على التحرك يحافظون على حرمة المؤمنين وكرامتهم، ويصونون مكانة العلماء الأجلاء، ويحترمون كل المرجعيات الدينية والوطنية الرشيدة، ولا يفرطون في القيم والمباديء والمصالح العامة، ولا يجعلون أحد فوقها أو يقدمونه عليها، ولا ينافسون أحدا على شيء من حطام الدنيا الفانية ولا على زخارفها الباطلة وبهارجها الخادعة طلابها، التي قد تؤدي بطلابها إلى الخسران المبين في الدين والدنيا والآخرة .
الوقت : أكد القائمون على مكتب السيد علي الخامنائي أن السيد يدعوا إلى الوحدة،ويحفظ حق الاختلاف، فما هي جهودكم في السعي إلى الوحدة؟
الأستاذ : لقد نشأء التحرك الجديد استجابة للتكليف الشرعي والمسؤولية الوطنية، ويهدف لإيجاد جدار صد للتراجعات الشاملة في المشروع الإصلاحي الوطني، والسبيل إلى ذلك هو تعزيز العمل الوطني المشترك والتحالف حول القضايا الوطنية الحيوية المشتركة . وللقائمين على التحرك الجديد تجارب سابقة في الدعوة والنشاط لتعزيز العمل الوطني المشترك، منها : اللقاء الحواري لقوى المعارضة الذي توقفت جلساته ولم يعلن عن انتهائه، ومن الأسباب التي أضعفته غياب القوة اللازمة لحمايته والدفاع عنه، ومن اهداف التحرك : الدعوة لمثل هذه الأنشطة وتعزيزها وحمايتها والدفاع عنها، فالتحرك سوف يكون من دعامات الوحدة والعمل الوطني المشترك القائم على التكافىء بين الشركاء، واحترام كافة حقوقهم، وعدم التعالي عليهم، أو ابتزازهم، أو التقليل من شأنهم، أو تهميشهم، ونحوه . وقد نجح التحرك في الوصول إلى التحالف مع حركة حق، وحركة أحرار البحرين، وحركة خلاص، وله صداقة متميزة مع جمعية أمل، وجمعية وعد، وجمعية الأخاء، وبدأ التفاوض مع عدد من الأطراف بهدف التحالف أو التعاون أو التنسيق معها حول بعض الملفات، وسوف يعلن عن نتائج ذلك في حينه .
وعلى مستوى التيار : دعى التحرك إلى تشكيل هيئة عليا مشتركة، تضم الشخصيات الرئيسية : العلمائية والسياسية، على ان يفوض إليها اتخاذ القرارت وفق آليات محددة من المرجعيات الدينية العليا لمدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) فإن لم يتحقق هذا فليس أقل من التواصل بين مختلف الأطراف من أجل تحقيق بعض الأهداف الرئيسية، منها : خلق الأجواء الأخوية، والسعي لتقريب وجهات النظر، وتجنب المواجهات البينية، وعدم السماح لأي طرف بأن يستخدم أحد الأطراف في التيار لإضعف طرف آخر أو الإضرار به، والتعاون على المشتركات . والتحرك سائر في هذا الاتجاه ويلقى التجاوب من جميع الأطراف التي سعى معها ماعدا الوفاق حتى الآن، رغم أننا زرنا سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله ) وقد طلب منا الالتقاء مع الوفاق، وعبرنا له عن رغبتنا في ذلك وحرصنا عليه، وقد سعينا إليه مخلصين، إلا أن الوفاق لم تتجاوب معنا حتى الآن .
الوقت : ذكرتم في بيان “الحجة ” أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمطالبة بالحقوق العادلة العامة للشعب، لا تتطلب إذن الولي الفقيه” فلماذا كان الأستاذ يصر على ضرورة توافر الغطاء الشرعي لتحركه إذا كان لديه ذلك الفهم الوارد في البيان في نقطته الرابعة؟
الأستاذ : ما ذكر في البيان هو نقل لرأي الولي الفقيه وليس رأيا شخصيا لأحد من الذين صدر عنهم البيان، وهو لا يلغي مسألة الغطاء الشرعي للتدخل في الشأن العام الذي يدخل في دائرة الولاية الشرعية للفقيه صاحب الولاية الشرعية، وتفاصيل ذلك يرجع فيها إلى الفقهاء من مراجع التقليد .
الوقت : “السعي لتقريب وجهات النظر، على أمل الوصول إلى الهيئة القيادية الواحدة أو المشتركة” هو أحد الأهداف التي دعوتم إليها في بيان “الحجة”،فما الذي يمنع أن يكون الشيخ عيسى قاسم قيادة واحدة أو مشتركة لجميع المتصدين للشأن العام؟
الأستاذ : لامانع من جعل سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) على رأس الهيئة القيادية المشتركة بالتوافق عليه إذا رغب في أن يكون مظلة للجميع، وذلك يختلف عن كونه مصدر الشرعية فيها، فهذا مما يختلف حوله المؤمنون، والمطلوب : أن تكون مرجعيات القتليد، هي مصدر الشرعية فيها، على التفصيل المذكور في البيان ونحوه .
الوقت : بالنسبة لزيارة إيران، عم كان يبحث التحرك الجديد؟ وما مدى صحة الإشاعات التي تقول أنه قد وردكم احتجاج على ابتساركم بعض ما دار خلال اللقاء مع مكتب السيد على الخامنائي وما يتعلق تحديداً بأن السيد الخامنائي يثق كثيراً في الشيخ عيسى قاسم؟
الأستاذ : ليس لدي ما أضيفه على ما ورد في البيان، وما ورد فيه كان في غاية الوضوح والدقة والأمانة في النقل . ولسنا في حاجة لإخفاء مسألة الثقة في سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) لأنها ليست موضوع نزاع أو اختلاف بين المؤمنين أو الوطنيين الشرفاء، والقول المذكور في السؤال هو أقرب إلى التهريج والضحك على عقول البسطاء، من كونه يثير مسألة تستحق النظر فيها . ومن المؤسف جدا شغل الساحة الإسلامية والوطنية بمثل هذه المهاترات والأطروحات السخيفة والمضحكة، وهي دليل على الضعف والافلاس، وتهدف إلى تضليل البسطاء وإعماء بصيرتهم عن إدراك الحقائق .
الوقت : ما هو موقفكم من قانون تقاعد النواب؟وما هو برأيكم الهدف من إقراره من الناحية السياسية؟
الأستاذ : لا يوجد اختلاف حول حق النواب في مكافأة تقاعدية، ولكن تفاصيل القانون، وواقع المؤسسة البرلمانية ودورها، وواقع الحياة المعيشية وغيرها للمواطنين، أخرج المكافأة التقاعدية للنواب طبقا للقانون المذكور، من دائرة الحق إلى دائرة الرشوة والفساد والمقايضة الخسيسة، وهي أوصاف قد جاء بها سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ( حفظه الله تعالى ) في بعض خطب الجمعة، وعلى هذا الأسس تم تقديم القانون والمصادقة عليه . وقد أدى إقراره من قبل النواب إلى خلق فجوة وأزمة ثقة بين النواب وبين الكثير من منتخبيهم، ولا يجهل النواب ذلك، إلا أنهم غير مكترثين كثيرا، ولا زال بعضهم يأمل من منتخبيهم معاودة انتخابهم تعبدا بالدين، وهذه من الطامات الكبرى في الوعي والقيم الإنسانية، وفاجعة كبرى على المصالح العامة : الإسلامية والوطنية !!
الوقت : ما هو تقييمكم لقرار المشاركة ولأداء النواب، وما هي قيمة العمل من خارج الرلمان ؟
الأستاذ : الموقف من قرار المشاركة لا ينفصل عن الموقف من المسألة الدستورية وأوضاع البلاد والملفات الساخنة الأخرى، مثل : التجنيس، والتمييز الطائفي، والفساد الإداري والمالي، والاستيلاء غير المشروع على ثروات البلاد وأراضيها . فالمشاركة تضفي الشرعية على دستور المنحة أو القبول العملي به، وتصعب على المعارضة عملية الإصلاح الدستوري وتطيل عليها الطريق كثيرا إليه . وكلما كبرت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، كلما صعبت عملية الإصلاح، وبعدت المسافة أكثر للوصول إليها . كما أن المشاركة تمثل ستارا للمارسات غير الشرعية للسلطة في قضايا حساسة، مثل : التجنيس، والاستيلاء على الثروة وأراضي البلاد، والانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان، وغيرها، لأنها تجري بوتيرة متسارعة في ظل المشاركة، وهي غير قادرة على توقيفها أو الحد منها، والحجة لدى السلطة دائما في الرد على المعارضة، أن كل شيء يجري وفق القانون وفي ظل البرلمان، ومن لديه اعتراض فالبرلمان موجود، مما يجعل من المشاركة في هذا البرلمان بمثابة شهادة زور بامتياز . وأما بخصوص مشاركة التيار، فقد أُسس لها على قاعدة دفع الضرر، ولاحقا ـ في ظل النتائج المخيبة للآمال ـ على قاعدة عدم التفريط في العمل البرلماني كأداة سياسية . وبمقتضى الحكمة التي تزن كل شيء بميزان دقيق يلائمه، وتضع الأمور في نصابها بمقدار يخرجها عن طرفي الإفراط والتفريط، فإن بناء المشاركة على القاعدتين السابقتين ـ وهي تحدد بوضوح حقيقة المشاركة ونوع الحاجة إليها ـ لا تتطلب نزول التيار بثقله في المشاركة، بل تتطلب جعل ثقل التيار في العمل والضغط على السلطة من الخارج، ولا تتطلب الزج بأسماء الفقهاء ونزول كبار العلماء بثقلهم في التسويق إليها، بل إبعادهم عنها، ولا تستحق التنازع والتضحية برفقاء الدرب من أجلها، بل التضحية بها من أجلهم . وبغض النظر عن التركيبة الطائفية للمجلس الحالي وأداء النواب، فإن حجم المكافأة التي يحصل عليها النواب، ثم قانون تقاعد النواب، يجعل من العسير الإطمئنان بأن يكون اندفاع الكثير من الراغبين إلى عضوية البرلمان، هو من أجل المباديء والقيم وخدمة المصالح الإسلامية والوطنية، فإن حجم مكافأة العمل ومكافأة التقاعد للنواب، قد خرجتا فعلا من دائرة الحق إلى دائرة الرشوة والفساد والمقايضة الخسيسة في ظل واقع المؤسسة المرتهنة بالكامل في يد السلطة التنفيذية، ونتائج المشاركة فيها المخيبة لآمال جماهير الشعب لاسيما المحرومين منهم، والدعوات القوية لمقاطعتها . وقد ثبت بالتجارب التاريخية والمعاصرة، أن الامتيازات تفسد قلوب الصالحين، فكيف بغيرهم !!
وإذا كان هذا هو حال المشاركة، فإن الإرادة الجدية للتغيير والإصلاح الوطني، تكون من خلال العمل الوطني المشترك لقوى المعارضة من خارج هذا البرلمان الصوري للضغط على السلطة لكي تستجيب استجابة فعلية وحقيقية للإصلاح . وهذا ما اختاره التحرك الجديد لنفسه، ويسعى لتطبيقه بالتنسيق مع حلفائه وأصدقائه، مع الحرص على تجنب التصادم أو التحارب مع الذين يأخذون بخيار المشاركة .
الوقت : إنقسام قوى المعارضة البحرينية،ما هي أسبابه؟ وما سبل الخروج من المأزق؟
الأستاذ : السبب هو غياب الرؤية الواضحة والإرادة الجدية لقيام العمل المشترك، ويرغب التحرك الجديد في المساهمة مع الحلفاء والأصدقاء لتعزيز العمل الوطني المشترك لقوى المعارضة، ضمن رؤى واضحة وبرامج عملية، وقد بدأ التفاوض فعلا مع عدد من أطراف المعارضة بشأن بعض القضايا، وسوف تعلن النتائج في حينها إن شاء الله تعالى .
الوقت : ورد في كتابك “الدولة والحكومة” ما نصه: “يجب على الأمة الإسلامية أن تلتف حول قياداتها الشرعية المؤهلة التي تمتلك العلم والعدل والكفاءة النفسية والعلمية وتحافظ على قوتها ووحدة صفها وأن تصبر على المكاره ولا تلين في الشدائد والمواجهة” فهل يفهم القاريء أن هذه هي مواصفات القيادة الصالحة لإدارة شئون الأمة؟
الأستاذ : لا أتذكر السياق الذي جاءت فيه هذه العبارات من الكتاب، ولكن النص يشير إلى أهمية الالتفاف حول القيادة الشرعية المتوفرة على شروط القيادة الصالحة لإدارة شؤون الأمة، ويذكر بعض مواصفات هذه القيادة، ويوصي الأمة بوحدة الصف والصبر على المكاره والثبات في الشدائد وفي المواجهات العادلة مع الخصوم .
الوقت : كيف يرى الأستاذ “الآخر” المختلف معه،و”الآخر” المتفق معه سياسياً؟ وعلى أي أساس يتعامل معه؟وبم يبرر هاجس الإسلاميين تجاه الآخر والذي يصل إلى حد القطيعة وإعلان الحرب عليهم؟
الأستاذ : أتعامل مع الآخر المختلف على أساس العدل كحد أدنى، وربما على أساس المحبة . والعدل يقتضي على المستوى الشخصي، صدور السلوك والمواقف عن النفس بصورة موافقة للحق المعلوم، ويقتضي على المستوى المجتمعي، الاعتراف بحقوق الآخرين والالتزام العملي بحفظها وعدم التفريط فيها، ويشمل ذلك حتى الأعداء فضلا عن غيرهم . أما المحبة، فهي أسمى من العدل، وواجباتها أوسع من واجبات العدل، وتكون الحاجة إلى العدل إذا فقد الإنسان شرف المحبة، والمحبة تؤسس قطعا إلى العدل، لأن الناس إذا تحابوا تناصفوا، ولم يظلم بعضهم بعضا، فالظلم والاجحاف بحقوق الآخرين هو نتيجة للأنانية الكريهة والبغض للآخرين . ولا حاجة لتوجس الإسلاميين من غيرهم، ويمكن أن تقوم العلاقة بين الجميع، على قاعدة : أن يحتفظ كل طرف بخصوصياته الايديولوجية والسياسية، ويتعاون الجميع على المشتركات الوطنية التي تصب في خدمة جميع المواطنين وتصون كافة حقوقهم الطبيعية والوضعية بما هم مواطنين، وهو ما يعرف بالمواطنة، ولا يسلب ذلك شيئا من حق البحث العلمي، وحق التعبير عن الرأي، وحق الاستقلال في المواقف، ونحوها .
الوقت : أعضاء التحرك الجديد هل هم جماعة من المحبطين والمتوجسين الذين لم يستطيعوا العمل وفقاً لأطر معينة،ورأوا في التحرك الجديد خلاصاً لهم وفسحة للتعبير عن أنفسهم بالطريقة التي يريدونها؟
الأستاذ : أعضاء التحرك الجديد ليسوا مجرد جماعة من المحبطين والمتوجسين الذين لم يستطيعوا العمل وفقا لأطر معينة كما تصف في السؤال، وإنما هم جماعة لهم رؤيتهم الدينية والوطنية التي يستندون إليها في مواقفهم الإسلامية والوطنية، ويهدفون من ورائها إلى مرضاة الله عز وجل وتحقيق مصالح العباد . وفي ظل التراجعات في مشروع الإصلاح الوطني، وصدور التهديدات الجدية لحقوق المواطنين، وجدوا بأنهم يستطيعون أن يلعبوا دورا في الساحة الوطنية يكملون به أدوار الآخرين، ويساهموا في صد التهديدات والتراجعات ـ وهو المقصود بالفراغ المذكور في بيان الانطلاق الذي فهمه البعض فهما سيئا في ظل خلفيات غير ودية ـ وهم لا ينافسون أحدا في وجودهم ودورهم على شيء من حطام الدنيا الفانية، فوجودهم ودورهم في الساحة الوطنية، عنوانه : الاستجابة للتكليف الشرعي الشريف والمسؤولية الوطنية النبيلة، وليس شيء غير ذلك .
الوقت : كيف تصنف المعارضة البحرينية لجهة أدائها الإعلامي؟ وبم تنصحها في هذا المجال؟
الأستاذ : لا توجد في البحرين وسائل إعلام حرة، تستطيع نقل الأخبار والقناعات وتعمل على تشكيل المفاهيم والتوجهات بصدق وحرية كافية . إلا أن هذا لا يعني تجاهلها من قبل المعارضة، بل عليها الاستفادة منها قدر ما هو ممكن، وعليها الاستفادة من وسائل الإعلام الخارجية الحرة قدر ما تستطيع، وتسعي لإيجاد وسائل إعلام خاصة بها في الخارج مستقبلا، لكي تستطيع التعبير عن قناعاتها بحرية، وتخدم قضاياها الوطنية وتوصل رأيها ومظلومية شعبها للرأي العام العالمي .
الوقت : لو عاد الزمن إلى الوراء قليلاً فهل سيكون الأستاذ عبد الوهاب “متحمساً” كما كان للتصويت على ميثاق العمل الوطني؟وهل سيسعى لإقناع رفاق دربه في الداخل والخارج للدعوة للتصويت بـ “نعم” على الميثاق؟ وما هي الآلية التي يقترحها للاستفادة القصوى من مخرجات الميثاق؟
الأستاذ : لم يكن قرار التصويت على الميثاق بنعم قرارا خاطئا، والأضرار التي حلت بالساحة والقضايا الوطنية ليست بسبب العمل بالميثاق، وإنما بسبب الانقلاب عليه، وضعف إرادة المقاومة لدى بعض أطراف المعارضة الرئيسية . وقد تجاوزنا الآن مسألة الميثاق، وأصبح الشعب بعد الانقلاب على الميثاق والدستور العقدي في حل من التزاماته التي صوت عليها في الميثاق، والمطلوب اليوم : هو وضع دستور جديد من خلال هيئة تأسيسية منتخبة ليس للمجنسين سياسيا استثناء أي دور فيها، وقد ذُكرت تفاصيل هذا المطلب في بيان الانطلاق ورسالة التحرك الجديد إلى الملك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى