بيان بمناسبة إيقاف محاكمة الأستاذين حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة

بسم الله الرحمن الرحيم

يتضمن هذا البيان ثلاثة محاور رئيسية ..

المحور الأول : تلقيت ببالغ السرور نبأ إيقاف محاكمة الأستاذين الكبيرين حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة بأمر ملكي ، وأعتقد بأن هذا التدخل جاء في محله لتحقيق مطلب وطني ملح ، وهو دليل حكمة واقعية أخرج الملك بها الوطن والمواطنين من الورطة التي كان من المتوقع أن يُقحموا فيها لو مضت السلطة قدما في المحاكمة على أساس التعجرفات الفارغة والتمسك بالشكليات الوهمية التي يبديها البعض لجهله بحقائق الأمور وبعواقبها على الساحة الوطنية تحت تأثير حب الذات وقصر النظر والتعصب ضد الآخر والذود عن المصالح والألقاب والمسميات الخاصة على حساب سمعة الوطن ومصالح المواطنين . وأنا إذ أثمن هذه الحكمة لجلالة الملك ، أدعوه على أساسها إلى إعادة القراءة فيما آلت إليه الأمور على ساحتنا الوطنية ، وتجديد النظر في الكثير من المسائل التي تتعلق بها ، وأذكره بالأجواء الوطنية الإيجابية التي سادت الساحة الوطنية وبرزت لدى جميع الأطراف والشرائح والقوى السياسية الوطنية بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني ، حتى أصبح التصويت على الميثاق بمثابة العرس الوطني الذي فرح به كافة المواطنين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم الروحية والفكرية والسياسية إلا من شذ ، وتصاعدت في ظل ذلك العرس وتيرة الأمل والتفاؤل لدى الجميع ، على أساس الأخوة الوطنية والمحبة والحرية والعدل والمساواة والأمن والاستقرار والسلم الأهلي والعيش المشترك بين كافة المواطنين بدون تمييز . وقد ظهرت أول بوادر القلق لدى أبناء الشعب مع التكتم على أعمال اللجنة المكلفة بوضع البنود المقترحة للتعديلات الدستورية استنادا إلى ميثاق العمل الوطني ، ثم جاء الانقلاب على الدستور وميثاق العمل الوطني الذي خُطط له من وراء الستار والحدود ليحل بتاريخ : ( 14 / فبراير / 2002م ) كالصاعقة على رؤوس كافة المواطنين ، وأدى إلى قلب الأمور رأسا على عقب ، ليبدأ بذلك عهد التراجعات في المشروع الإصلاحي ، وظهرت التوترات الأمنية المتصاعدة على الساحة الوطنية ، وفُتحت أبواب السجون والمعتقلات من جديد ، وعادت ظاهرة اللجوء السياسي إلى الدول الأجنبية ، لنعود إلى أسوء مما كنا عليه في الحقبة السوداء في ظل قانون أمن الدولة سيء الصيت . إن من أقنعك يا جلالة الملك بهذا الانقلاب المشؤوم لم يكن صديقا ولا محبا ولا ناصحا لك أو للوطن ، لقد أضر بك شخصيا كحاكم لهذه البلاد ، كما اضر بسمعة الوطن العزيز وبالمصالح الجوهرية والحيوية للمواطنين ، وارتكب جريمة قانونية وأخلاقية وإنسانية وسياسية حقيقية بحق الجميع لن تنسى ، حيث أدخل البلاد بجهله وأنانيته وإنيته وتعصبه وقصر نظره وسوء أخلاقه وحبه لذاته على حساب الآخرين في مأتم جنائزي ومتاهات ضيقة لا حصر لها ونفق مظلم طويل ، وأفسد العرس الوطني على الجميع . فقد ألت الأمور إلى توترات أمنية متصاعدة ، وعادت المواجهات بين قوات الشغب والمواطنين بصورة أسوء وأشرس مما كانت عليه في التسعينات وحقبة قانون أمن الدولة ، ولا زالت وتيرتها في تصاعد مستمر ، كما برزت المظاهر المسلحة في الشوارع من جديد ، وكأننا نعيش في قطاع غزة في فلسطين المحتلة وليس في دولة خليجية نفطية صغيرة لا يصل تعداد سكانها المليون نسمة ، وفتحت أبواب السجون وأقبيته ، وعاد اللجوء السياسي إلى الدول الأجنبية ، وكأن السلطة ترغب في إيجاد جيش سياسي يقاتلها بشراسة من خارج الحدود . وهكذا ضاع الأمل وضاع الطموح وفُقدت أجواء العرس والفرح الوطني الذي عاشهما كافة الموطنين مع التصويت التاريخي على ميثاق العمل الوطني ، وعدنا لنعيش جميعا في أجواء جنائزية في ظل التوترات الأمنية المتصاعدة والمواجهات بين قوات الشغب والمواطنين وفتح أقبية السجون وعودة اللجوء السياسي إلى الدول الأجنبية ، لنصل مما سبق إلى نتيجة واضحة خلاصتها : أن دستور : 2002 ، والبرلمان الصوري الكسيح ، والتجنيس السياسي المبرمج ، والتمييز الطائفي ، واللجوء إلى استخدام العنف وإرهاب الدولة بواسطة قوات الشغب وغيرها ضد قوى المعارضة والجماهير الرافضة ، لا تمثل قواعد لأمن واستقرار البلاد وتطورها وازدهارها ورخاء أبنائها ، وإنما هي قواعد لاختلاف أبنائها وإيجاد الصراع بينهم ، واضطراب وزعزعة أمن البلاد واستقرارها ، وتمثل تهديدا جديا لازدهارها وتطورها ورخاء أبنائها ، وسوف تؤدي إلى المزيد من التوترات الأمنية والسياسية المتصاعدة وتقود البلاد إلى الأسوأ قطعا ، فإذا أردنا الأمن والاستقرار لهذا الوطن العزيز والتقدم والرخاء لأبنائه ، فلا بد لنا قطعا من إصلاح الأمور والتراجع عن كل ما تسبب في إفساد أوضاعنا الوطنية ما ذكرت وما لم أذكر عاجلا غير آجل .

تصور يا صاحب الجلالة : الحالة الشعورية لأبن الوطن الذي يحرم من العمل في وزارتي الداخلية والدفاع وفي الحرس الوطني وفي كثير من مؤسسات الدولة المدنية ، ويعمل براتب شهري قدره 120 دينار وربما أقل ، وينتظر لأكثر من عشر سنوات وربما لأكثر من عشرين سنة ليحصل على وحدة سكنية ، مما يسبب له مشاكل اجتماعية ونفسية لا حصر لها ، ثم يرى الأجانب يجلبون إلى البلاد ويجنسون ويفضلون عليه ، فيمنحوا الثقة للعمل في المؤسسات العسكرية ، ويسلطون على المواطنين لقمعهم ، ويعطون راتب شهري يصل إلى أربع مئة دينار ، ويحصلون على وحدات سكنية في شهور قليلة بعد تجنيسهم ، ويفضلون على المواطنين في الوظائف المدنية .. الخ . ومن جهة ثانية يعمل بعض المواطنين لأكثر من عقد أو عقدين في مؤسسات الدولة وهم يراوحون في مكانهم بدون ترقيات ، ثم يرون من هم أقل منهم في سنوات الخدمة والكفاءة يحصلون على الترقيات لا لشيء إلا لأنهم من طائفة أخرى !! كيف سيكون شعور هؤلاء المواطنين في هذه الحالات ؟ هل سيكون شعورهم إيجابيا ؟ وهل ذلك يزرع المحبة والود بين المواطنين ، ويؤسس إلى السلم الأهلي والعيش المشترك ، ويؤدي إلى حسن سير العمل في مؤسسات الدولة وإلى الاستقرار في الوطن والتقدم والرخاء لأبنائه ؟ أم يؤدي إلى زرع الكراهية والبغضاء وإلى الصراع بين المواطنين ، ويؤثر سلبا على سير العمل في المؤسسات ، ويؤدي إلى الإضرار بالأمن والاستقرار وبالمسيرة الوطنية على كافة الأصعدة : السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها ؟ لا شك أنك تعرف الجواب لأنه في غاية الوضوح . إنني أأكد لك بأن أبناء الشعب بجميع طوائفهم طيبون جدا وليس لهم عداء شخصي معك أو مع الأسرة المالكة . تذكر زيارتك التاريخية لمدينة سترة بعد التصويت على الميثاق ، وكيف قابلك أبناؤها بالحفاوة حتى حملوا سيارتك ، وهي حفاوة لم تحظى بها في أي قرية أو مدينة أخرى في البحرين ، حتى قلت كما سمعته أنا شخصيا منك : بأنك لم تستطع تمالك شعورك ، ولم تستطع الجلوس بين الجدران الأربعة ، وخرجت إلى الناس ولا أحد يحرسك ، لأنك لم تكن في تلك الحالة تحتاج إلى حراسة . نعم حصل هذا وأنت تعلم ما كان يعانيه أهل تلك المدينة المنكوبة من الفقر والحرمان والتمييز ، وماذا حصل على أهلها أثناء الانتفاضة المباركة من الاعتداءات وأصناف التنكيل ، ولكنك لما مددت إليهم يد المحبة والسلام ، نسوا كل ما نزل بهم من أصناف التنكيل وغيره ، ومدوا إليك بطيبهم أيدي المحبة والسلام ، ليثبتوا لك بأن ليس لهم معك عداوة شخصية ، وإنما لهم حقوق عليك ، إذا أديتها إليهم ، فسوف يكونوا لك من أحسن أبناء هذا الوطن وأكثرهم وفاء وإخلاصا .

وفي ختام هذا المحور أشير إلى مسألتين باختصار شديد ..

المسألة الأولى ـ اللجان الأمنية الأهلية والشركات الأمنية : أقول في هذه المسألة : بأن السلطة التنفيذية هي الجهة الوحيدة التي يجب أن تتحمل مسؤولية الأمن في الدولة ، وأن الشركات الأمنية التي بدأت تظهر على ساحتنا الوطنية وتمارس أعمالها ، قد تمثل بدايات أولية لظهور مليشيات مسلحة في المستقبل ، ويمكنها أن تشكل تهديدا جديا لأمن واستقرار الوطن في المستقبل غير البعيد . أما بشأن ما يسمى باللجان الأمنية الأهلية التي يؤسس لها بجهل على قاعدة الشراكة المجتمعية ، فأقول بشأنها : أن الشراكة المجتمعية تكون في صناعة القرار السياسي وليس في تحمل المسؤولية الأمنية التي يجب أن تكون من اختصاص السلطة التنفيذية وحدها ، فهذه اللجان إذا مضى القائمون عليها فيها قدما ، سوف تكون لها عواقب وخيمة على السلم الأهلي والعيش المشترك ، وتفسد الكثير من الوشائج الوطنية حتى تصل إلى درجة الجريمة بحق المواطنين ، وهي لن تخدم السلم الأهلي بأي حال من الأحوال ، وإذا كان القائمون عليها يريدون من خلالها تحقيق السلم الأهلي بحق ، فإني أقول لهم بأن ما قاموا به هو على خلاف ما أرادوه وفي غير محله ، فالمشروع يسير بطبيعة الحال في الاتجاه المعاكس لما أرادوه قطعا ، والإصرار عليه يدل على الجهل بالسياسة وعلم الاجتماع .

المسألة الثاني ـ الإفراط في استخدام القوة ضد الجماهير بعد قرار توقيف سير المحاكمة : لقد ضيع هذا السلوك غير المسؤول لوزارة الداخلية قيمة الحكمة التي تحلى بها جلالة الملك باتخاذ قرار توقيف سير المحاكمة ، وأدى إلى تصعيد التوتر بدلا من التهدئة المفترضة ، حتى شبه أحد الأشخاص العاديين سلوك السلطة بسلوك المجنون الذي لا تعرف هل يقوم بصفعك أم بتقبيلك . لقد كان من المقرر أن تكون كلمة الأستاذ حسين المشيمع في ندوة النويدرات تدفع نحو التهدئة ، وكان من المفترض أن تكون لي كلمة قررت إلقائها في نفس الليلة قبل انعقاد الندوة وتدفع في نفس الاتجاه ، إلا أن قوات الشغب غدرت بنا على حين غرة ، بعد أن وعدت النائب عبد علي محمد حسن بعدم التعرض إلى الندوة ما لم تكن بعدها مسيرة وقد ضمن لهم ذلك ـ بحسب ما نقل لي ـ وقد استهدفت قوات الشغب المنصة بمن عليها وأمطرتهم عن قصد بوابل ( الوابل هو المطر الشديد ) من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي ، وكأنها كانت تريد أن ترد بشراسة على بعض الرسائل التي وجهها بعض من كان على المنصة إلى السلطة ، ثم واصلت اعتداءاتها على المواطنين العزل الأبرياء وألحقت بهم إصابات كثيرة وأحرقت أحد المحلات التجارية في القرية ، وكان البيان الذي صدر عن وزارة الداخلية في غاية الضعف ، حتى أن وسائل الإعلام الخشبية التي كانت تصطاد عادة في الماء العكر ، لم تستطع أن تقول شيئا في تبرير ذلك الاعتداء كما كانت تفعل دائما مع كل اعتداء تقوم به قوات الشغب ضد المواطنين العزل ، فلم يكن الحضور في الندوة من المراهقين كما كانت تصف الصحف الخشبية المنتفضين والمقاومين دائما ، ولم يكن هناك ـ بحسب توصيفها ـ مخربون ولا ملثمون ، وإنما كان هناك رموز وقيادات سياسية ونواب برلمان ومثقفون وشخصيات محترمة من كافة شرائح المجتمع من النساء والرجال : الشيوخ والشباب والأطفال ، جاؤوا جميعا ليمارسوا حقهم سلميا في التعبير عن رأيهم في قضايا الشأن العام ، ولو قبلنا جدلا قول وزارة الداخلية بعدم ترخيص الندوة ، فإن ذلك لا يعد مبررا للاستخدام المفرط والشرس للقوة ضد المنتديين والاستهداف المركز للمنصة ومن عليها . إنني أدين بشدة اعتداءات قوات الشغب على المنتديين في قرية النويدرات ، وأدعو وزارة الداخلية للتحلي بالحكمة والمسؤولية الإنسانية والوطنية في التعاطي مع أبناء الشعب كافة ، وأطالبها بالإفراج فورا عن المعتقلين ، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين .

وفي ختام هذا المحور من البيان : أدعو جلالة الملك إلى إعادة القراءة فيما آلت إليه الأمور على ساحتنا والوطنية ، وتجديد النظر في المسائل والملفات الساخنة المتعلقة بها على أساس الحكمة والواقعية وبعد النظر بما يعود عليه هو شخصيا بالمصلحة كحاكم ، وبما يخدم سمعة هذا الوطن العزيز ، ويعود بالخير على كافة المواطنين ، وأذكره بكلمة قالها لي شخصيا في ذروة العرس الوطني بعد التصويت على الميثاق هذا معناها : إني جاد في الإصلاح ولن أتراجع عنه ، وما أعجز عن تحقيقه سوف يحققه أبني ولي العهد سلمان وهو ثقتي .

المحور الثاني ـ فيما يتعلق بالدور الذي لعبه فضيلة الشيخ على سلمان في قضية محاكمة الأستاذين الكبيرين حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة : أرى في فضيلة الشيخ على سلمان مناضل شريف ، له منهجه في العمل السياسي وخدمة الوطن والمواطنين ، ويجب على كل من يختلف معه في ذلك أن يحترم رأيه وحقه في الاختلاف ، وأرى بأن جمعية الوفاق قد أبدت تضامنها مع الأستاذين الكبيرين : حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة ، وما تقدمت به للملك هو في جوهره طلب إنهاء القضية والخروج من الورطة ، وهو مطلب وطني يحرص عليه كل مواطن شريف محب لهذا الوطن العزيز وأهله أبرزه خطاب المعارضة بكل صراحة ووضوح ، ولم يكن طلب الوفاق من الملك العفو عن الأستاذين الكبيرين ، لأنه لا موضوع للعفو ، فالعفو لا يكون بدون حكم ، ولم يكن هناك حكم في القضية ليكون ثمة عفو ، وبالتالي لا يوجد موضوع للعفو . أما الشروط التي ذكرتها الصحف في إعلان توقيف المحاكمة ، فلا قيمة عملية لها ، وذكرها في الإعلان خطأ مهني ما كان ليحصل لو كان القائم على الصياغة محترفا ، لأن التفاوض لم يكن مع الأستاذين الكبيرين ، وفضيلة الشيخ علي سلمان لم يكن وكيلا عنهما ، وليس له أن يقدم أي التزام عنهما بدون توكيل ، ولو قدمه بدون توكيل فهو غير ملزم بشيء للأستاذين الكبيرين ، وعليه فصيغة الإعلان وذكر الشروط كانت لأغراض سياسية خاصة بالسلطة وبصيغة غير حرفية ولا قيمة عملية لها على الأرض ، وعلينا كسياسيين ومواطنين أن نركز على الجوهر وليس على الشكل الذي يذهب بقيمة الجوهر ويضيعه . إلا أني أدعو فضيلة الشيخ علي سلمان وجمعية الوفاق في هذا البيان إلى الاعتراف بالآخر والانفتاح عليه ، وإدراك أهمية وقيمة وجوده والتحاور معه من أجل مصلحة الدين والوطن ، وقد أثبتت التجارب الحاجة إلى التكامل في الأدوار بين كافة الأطراف المعارضة على الساحة الوطنية ، وأن مصيرها لا ينفصل عن بعضها ، وأن مستقبل الوطن يتوقف على ذلك وتقتضيه المصلحة الوطنية بحق وحقيقة ، فعلى جميع الأطراف المعنية أن تعمل من أجل ذلك على أساس النزاهة والإخلاص للوطن ولكافة المواطنين .

المحور الثالث ـ يتعلق بدور الجماهير في العمل الوطني : لقد أثبتت التجارب عجز القوى السياسية عن تحقيق الإصلاح والتقدم بالبلاد وتحقيق الرخاء والازدهار لأبنائه بدون الرجوع إلى الجماهير والاعتماد عليها ، فببركة الجماهير في انتفاضة الكرامة وما سبقها انفتح باب الإصلاح ، وببركة الجماهير تم الإفراج عن الأستاذين الكبيرين : حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة ، وببركة الجماهير تم إيقاف سير محاكمتهما ، وببركة الجماهير يمكن أن تتحقق إعادة القراءة فيما آلت إليه الأوضاع في الساحة الوطنية ويتجدد النظر في الملفات الساخنة العالقة التي تتعلق بها ، بدون أن نتجاهل بطبيعة الحال دور المؤسسات والقوى السياسية والرموز والقيادات التي تتقدم الركب وتقود المسيرة ، ولكن القول بأنها تستطيع أن تحقق شيئا بدون الجماهير في غير محله ومخالف للحقيقة والواقع ولنتائج التجارب في التاريخ الطويل لهذا الوطن العزيز ولغيره ، فيجب أن نوجد التكامل في الأدوار بين المؤسسات والرموز والقيادات من جهة وبين الجماهير من جهة ثانية في سبيل التقدم بالمسيرة الوطنية ومعالجة الملفات الحيوية العالقة في الساحة الوطنية .

وفي نهاية هذا المحور أرغب في التطرق إلى مسألة مهمة تتعلق بالشباب المقاوم الذين لا يزالوا رازحين وراء القضبان في السجون ، فلم تستطع القوى السياسية والرموز والقيادات أن تتوصل للإفراج عنهم رغم أن قضيتهم ليست بنفس الدرجة من الأهمية والتعقيد في الحسابات السياسية والأمنية لدى السلطة كما هي لقضية الأستاذين الكبيرين : حسن المشيمع وعبد الهادي الخواجة ، وذلك لعدم توفر الضغط الشعبي الكافي لتحقيق هذا الهدف الإنساني والوطني ، وهنا يجب تنبيه الجماهير والرموز والقيادات والقوى السياسية إلى ضرورة الأخذ بالبعد الإنساني في الاهتمام بقضية المعتقلين وعدم التمييز بين الرموز والقيادات وبين الأشخاص العاديين في الاهتمام ، فهذا التمييز في الاهتمام هو على خلاف قيمنا الإسلامية والإنسانية والوطنية ، وأنا أدعو جلالة الملك لإنهاء ملفهم من أجل تهدئة الأوضاع الأمنية ، والدعوة إلى حوار وطني جاد تشترك فيه كافة القوى السياسية والمؤسسات الوطنية لمناقشة الملفات الحيوية الساخنة وحلحلتها على أسس قانونية وحقوقية وسياسية سليمة لا تميز بين المواطنين ، وتضمن لهم عمليا قيام العدل والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات ، ليعود العرس الوطني الذي أوجدناه بالتصويت على ميثاق العمل الوطني من جديد ، ولنمحوا بحق صفحة الحزن الجنائزي الذي أوجدته الشياطين من وراء الستار والحدود بالانقلاب على الدستور وميثاق العمل الوطني ، فهذا طموحنا جميعا كمواطنين ، وهذا مأربنا الوطني الصادق ، وليس للمعارضة بحق مآرب أخرى ، وهذا ما يدعونا إليه ديننا الإسلامي الحنيف وحب أهلنا وطننا العزيز علينا جميعا .

صادر عن : عبد الوهاب حسين علي .

في صباح يوم الاثنين .

بتاريخ : 4 / جمادى الثاني / 1428هج .

الموافق : 21 / مايو ـ آيار / 2007م .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى