الموقف الأسبوعي: إخفاقُ النظام الخليفي اقتصاديّاً وتنموياً يعزّز فقدانه للشّرعية

بسم الله الرحمن الرحيم

بدأت الأسواقُ العالميّة باستشعار أثر السّياسات الاقتصادية الأمريكية الهدّامة، حيث انخفضَ سعر برميل النفط خلال الأسبوع الفائت إلى ما يقارب 50 دولاراً، وقد حدث ذلك نتيجة إغراق سوق النفط بالخام الأمريكي والسعودي، بغية إحداث ضغوطٍ اقتصادية على الجمهورية الإسلامية، في سياق الحرب الاقتصادية التي ابتدأتها إدارة ترامب على الجمهورية الإسلامية، ودول أخرى. في هذه الحرب والسياسات الخرقاء؛ ينساق الذنبُ السعودي نحو سيّده الأمريكي على الرغم من تضرُّر موازنات الحكم السعودي وبقية أنظمة المنطقة بهذه السياسات، كون اقتصاد بلداننا هو اقتصادٌ ريعي يعتمد بشكلٍ أساس على أسعار النفط، ففي الوقت الذي تحقق أمريكا والغرب الجشِع مكاسبَ اقتصادية كبيرةً من انخفاض أسعار النفط – كونها تعتمد في جانبٍ كبير من إيراداتها على الصناعات الثانوية للنفط – فإن المتضرّر الأكبر هو شعوبنا التي يجب عليها أن تتحمّل سياسات الضرائب والتقشّف للسنوات القادمة.
لقد عانت البحرين من السّياسات الاقتصادية الخاطئة للحكم الخليفي، والذي دخلَ في دوّامة من الدين العام لا يعرف كيف الخروج منها، وسوف تتعمّق الأزمة أكبر على ضوء انخفاض أسعار النفط.
وفي الحقيقة، يعتقد بعض المحللين الاقتصاديين – بشكل خاطئ- بأنّ مشكلة البحرين تكمن في أنها ليست دولةً نفطية بشكل كافٍ، مثل دول الخليج الأخرى، حيث لا يتجاوز إنتاجها اليومي 200 ألف برميل، وتنتج نحو 150 ألف برميل من حقل أبو سعفة المشترك مع السعودية، ونحو 50 ألف برميل من حقل البحرين. ويعتقد هؤلاء بأن ارتفاع سعر النفط يمكن أن يحلّ مشكلة الدين العام، إلا أن أساس المشكلة في نظرنا هو التبعيّة السّياسيّة والاقتصاديّة العمياء لسياسات أمريكا وآل سعود وصندوق النقد الدولي، والاعتماد الكلي لاقتصاد البحرين على القطاع النفطي والخدماتي، وعدم قدرة الدّولة على إنشاء اقتصادٍ إنتاجي، في مجالاتٍ عدة، منها صناعات الغذاء والدواء والزراعة، وغيرها، بل كانت كلُّ سياسات الدّولة الاقتصادية منذ نشوء النظام السياسي الحديث؛ هو تجاهلُ وتقليص القطاعات الاقتصادية الكلاسيكية التي كانت تتمتّع بها البحرين، كالزراعة والصيد البحري.
كما أن ارتفاع الدين العام له فقط علاقة نسبيّة بانخفاض أسعار النفط، حيث إنّ الدين العام كان يُرهق موازنة الدولة منذ العام 1977 ميلادية، إلى يومنا هذا، وظلّ في ارتفاع نسبي، وأصبح التصاعد قياسيا منذ العام 2008. وهناك أسبابٌ جوهرية أخرى لذلك، منها الحكم الشمولي والأزمة السياسية وبرامج القمع وارتفاع المصروفات وعدم أولوية الكثير منها، والفساد، وغياب الشفافية، واستئثار العائلة الحاكمة بموارد الدولة.
لقد أثبتت أحداث الأسبوع الأخير بأن أمريكا وآل سعود معنيّون فقط بسياسات الانتقام والحصار للجمهورية الإسلامية، أما مصالح شعوبنا ورفاهيتها فهي لا تعني لهم شيئاً، وإننا مقبلون على ضوء الحقائق الاقتصادية الأخيرة على المزيد من التقشُّف وتخلي الدولة عن التزاماتها.
وكما فشلَ النظام الخليفي سياسيّاً، وفَقدَ شرعيّته السياسيّة؛ فإن سياساته الاقتصادية وفشله المريع اقتصادياً هو سبب آخر لافتقاد هذا النظام ورموزه لشرعيّة الحكم، فمنْ يبيع سيادته وقراره من أجل سياسات لا تخدم الشّعب هو غيرُ جدير بالحكم، وبهذا ندعو أبناءَ الشّعب للتعبير عن واقع الحال الاقتصادي والمعاشي بالوسائل الممكنة في الإعلام وعبر الاحتجاجات الفرديّة والجماعية، لتسليط الضوء على فشل النظام في تحقيق التنمية والرّفاهية للناس.

تيّار الوفاء الإسلامي
23 ربيع الأول 1440 هجرية
1 ديسمبر 2018 م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى