تقرير خاص : في اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحفي محمود الجزيري حاملا سلاح القلم وأزيز الحروف

تحضى الصحافة بعناية كبيرة في المجتمعات العالميّة لما لها من تأثير كبير على توجيه الفكر في المجتمع، ونشر الوعيّ العام. وبما أنّ الثالث من مايو مخصص لليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يُذكّر الأنظمة بأهميّة احترام حرية الرأي (الصحافة)، والوفاء بتعهداتها اتجاه حرية الصحافة نسلّط الضوء في هذا العام على قضيّة أحد سجناء الرأي في البحرين وهو الصحفيّ «محمود الجزيريّ» كنموذج من نماذج الانتهاكات ضدّ حرية التعبير في البحرين، كما نعرج على نماذج أُخرى في نفس الشأن تعرّضت هي الأُخرى لانتهاكات جسيمة.

 

محمود الجزيريّ.. البدايات:
محمود الجزيريّ هو صحفي ارتبط اسمه بصحيفة الوسط، وهي إحدى أهم الصحف البحرينيّة، وتعد من قبل الكثيرين ذات طرح سياسي متوازن، كما تتبنى طرح بعض رؤى المعارضة البحرانيّة، ما تسبب في إغلاقها من قبل السلطات الخليفيّة في 4 يونيو 2017، كعنوان ومصداق لتقييد حرية الصحافة في البحرين. وكان الصحفيّ الجزيريّ قبل ذلك يعمل في صحيفة الوقت البحرينية.

اعتقال الجزيري… مداهمة القلم خوف من أزيز الحروف:
تعود تفاصيل اعتقال محمود الجزيريّ لأواخر عام 2015م ، حيث اقتحمت منزلهُ الكائن في بلدة النبيه صالح فرقة من قوات الأمن الخليفيّ بمعيّة فرقة أُخرى من الاستخبارات الخليفية فجر الـ28 من ديسمبر 2015م دون إبراز أمر قضائيّ، وتم اقتياده لجهة مجهولة.

تسبب اعتقال الصحفيّ محمود الجزيريّ بحالة من الإرباك في الوسط الصحفيّ، خصوصاً أنّ الاعتقال جاء متزامناً مع عمل جريء قام به عبر نشر تقرير جلسة مجلس الشورى، والذي أثار آنذاك ضجة في المجتمع البحرانيّ بسبب مطالبة المدعوة فاطمة الكوهجي بمعاقبة المواطنين المسقطة جنسياتهم في قضايا سياسيّة بحرمان عوائلهم من الوحدات السكنيّة، وبما أنّ ذلك يعد انتهاكاً صارخاً لحرية الصحافة التي تكفلها القوانين الدوليّة، والتي تعهدت باحترامها السلطات الخليفيّة فقد أصدرت رابطة الصحافة البحرينية في لندن بياناً تدين فيه استهداف الصحفيّ محمود الجزيريّ، كما عبرت عن مخاوفها على مصيره بعد أن وجهت السلطات الخليفيّة له عدّة تهم بينها الارتباط بتيار الوفاء الإسلامي والانخراط في مخطط يهدف لإسقاط النظام، مما دانت منظمات عالمية اعتقال الجزيري ، وطالبت السلطات الخليفية بإطلاق سراحه.

عندما يساق الصحفيين لغرف التعذيب:
ويرى بعض الصحفييين أنّ اعتقال محمود الجزيريّ يعد استهدافاً واضحاً للصحافة في البحرين، إذ يعد الجزيريّ من الصحفيين البارزين الذين ينشرون انتهاكات السلطات الخليفيّة، كما أكد المركز الدوليّ للحقوق والحريات عضو التحالف في المحكمة الجنائية الدوليّة، أنه يوجد ربط بين اعتقال الصحفيّ الجزيريّ وماقام بنشره من ملخص محضر مجلس الشورى، وقد أسف المركز على اعتقال الصحفيّ الجزيريّ، بينما لم يتمّ محاسبة عضو مجلس الشورى فاطمة الكوهجيّ على تصريحها المتجرد من الإنسانيّة حسب تعبير المركز.

وقد تعرض الصحفيّ الجزيريّ لأصناف التعذيب في مركز التحقيقات الجنائيّة سيء الصّيت في أيام التحقيق، كما شهّرت به السلطات الخليفيّة عبر نشر مقاطع اعترافات على شاشات التلفاز، أُخذت منهُ تحت وطأة التعذيب، ويعد ذلك انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والصحافة.

الجزيري يفضح ماريا خوري من داخل سجنه:
آخر ماورد من قبل الصحفيّ محمود الجزيريّ من داخل السجن رسالة صوتيّة رداً على ماريا خوري رئيس مايسمى بالمؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان، وهي منظمة حكومية، وهذا ما يجعلها جهة غير معتبرة عند شعب البحرين.
جاء في رسالة الصحفيّ محمود الجزيريّ تكذيب لادعاءات ماريا خوري بأوضاع السجون الجيدة، وذلك في تصريح لها بعد زيارة ميدانيّة قامت بها الأخيرة لسجن جو المركزيّ، وهو نفس السجن الذي يتواجد فيه الصحفيّ محمود الجزيري.
وأثارت رسالة الصحفيّ محمود الجزيريّ ردود أفعال كبيرة سواء على المستوى الشعبيّ، أو الخارجيّ، والحكوميّ، فعاقبت السلطات الخليفية الصحفيّ محمود الجزيريّ على رسالته بزجه بمبنى العزل «الحجز الانفرادي» بسبب فضحه لخوري.
أما على المستوى السياسيّ، والحقوقيّ والشعبيّ ، والعالميّ فقد أخذت رسالة الصحفيّ الجزيريّ أصداء كبيرة، وأثارت التعاطف مع قضية الأسرى في سجون النظام الخليفيّ، وبالأخص مع قادة الثوّرة، والذين يعانون من أمراض مزمنة، وتزامن ذلك مع تفشي وباء الكورونا العالمي الذي فتك بمئات الآلاف في العالم.

ومع الشعور بالمسؤولية الأخلاقيّة، والدينيّة، تتواصل الجهود الحقوقيّة، والسياسيّة، والإعلاميّة في الداخل والخارج نحو قضية الأسرى في ظل انتشار هذا الوباء الخطير، خصوصاً مع امتلاء سجون البحرين بآلاف الأسرى.

الجزيري.. الرمز الصحفي لتضحيات صحافة البحرين:

نجد بأنه لاتوجد حرية صحافة في البحرين، إذ يعد نموذج الصحفيّ محمود الجزيري واحداً من عدة نماذج لخنق حرية الصحافة وحرية الكلمة التي تدافع عنها منظمات حقوق الإنسان وتضمنها المواثيق والقوانين الدولية.

كما تعتبر صحيفة الوسط وهي الجهة التي كان يعمل بها الصحفي الجزيري هي الأخرى من ضحايا إرهاب الدولة اتجاه حرية الكلمة والرأي.

مداد الإعلام الذي سيضل مسكوبا:
أنموذج الجزيري هو أحد نماذج خنق حرية الكلمة والصحافة في البحرين، إذ يوجد الكثير من الأمثلة الأخرى التي تمّت محاكمتها لمجرد تأديتها لواجباتها المهنيّة سواء في الصحافة المحليّة، أو العالميّة، ومن هذه الأمثلة الصحفيّ هاني الفردان والذي تعرض لعدة استدعاءات لمراكز الشرطة للتحقيق معهُ في شأن مواضيع كتبها، كما تمّ استدعاء العديد غيره مثل الصحفيّ البارز قاسم حسين وغيره من العاملين في الصحافة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى