شاهد: السّيد مرتضى السندي في سلسلة محاضرات “يأبى الله لنا”: “الإمام الحسين قطعَ الطريق على تبريرات الذلة”

يلقي سماحة السيد مرتضى السندي سلسلة من المحاضرات ابتداءا من ليلة الثالث من المحرم وحتى ليلة السابع، ويسبق ذلك صلاة المغرب جماعة.

ألقى سماحة السّيد مرتضى السندي كلمة مساء الأربعاء ١٢ سبتمبر ٢٠١٨م ضمن البرنامج العاشورائي الذي ينظمه تيار الوفاء الإسلامي بمناسبة موسم عاشوراء تحت شعار “يأبى الله لنا”، وأشار السيد السندي إلى اختيار التيار مع حركة الحريات والديمقراطية (حق) هذا الشعار ليكون عنوانا للفعاليات المشتركة في هذا الموسم هذا العام.

ويلقي السيد السندي سلسلة من الكلمات ابتداءا من ليلة الثالث من المحرم وحتى ليلة السابع منه، ويتم بثها مباشرة على حساب موقع تيار الوفاء في الانستغرام.

في بداية الكلمة، أوضح السيد السندي بأن شعار “يأبى الله لنا” مستلّ من خطبة الإمام الحسين بن علي (ع) المعروفة التي بدأها بقوله “ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنين، بين السلة والذلة”، وأكد فيها الإمام عليه السلام الموقف بقوله “يأبى الله لنا ذلك”.

وقال السيد السندي بأن معنى كلمة “يأبى” في اللغة هو الامتناع الشديد، وقد ذكر الإمام عليه السلام هذا المعنى في الخطبة المذكورة مرتين، مرة بقوله “يأبى الله لنا”، ومرة أخرى بقوله “ونفوس أبية”. كما أوضح أن القرآن الكريم أورد هذه الدلالة عدة مرات.

وذكر السيد السندي بأن أهل اللغة يؤكدون معنى الامتناع الشديد في مفردة “الإباء”، حيث إن كل إباء امتناع، وليس العكس.

وقال “كثير منا قد يرفض الذل، ولكن حين تضغط عليه الظروف، يقبل بالذل والظلم والاستسلام”، ولذلك استعمل الإمام الحسين كلمة الإباء ليؤكد على أنه مهما كانت الظروف والضغوط؛ فيجب الامتناع الشديد عن الخضوع للذل والظلم.

المشاركة في الانتخابات.. ضد الإباء والعزة

وتطرق السيد السندي إلى موضوع الانتخابات البرلمانية في البحرين، والتي وصفها بـ”الصوريّة”، وأشار إلى أن الكثيرين يبررون للمشاركة في هذه الانتخابات بالقول بأنه “لا طاقة لنا”، و”أن المساجين تعبوا”، و”الأمهات تعبن”، إلا أن السيد السندي شدّد على أن الإمام الحسين يربط موقف الإباء بالله تعالى بقوله “يأبى الله لنا”، ليؤكد أن الرفض يأتي من الله تعالى، وأننا في حال كنا مؤمنين فلابد من التمسك بالإباء والعزة التي هي ضد الذلة، لقوله تعالى “ولله العزة..”.

وذكر السيد السندي بأن الإباء هنا هي إرادة إلهية، أي إنها إرادة تشريعية، حيث إن الله يأمر الناس بأن يكونوا رافضين للذل وللخضوع إلى الطغاة والمجرمين، ولكنها ليست إرادة تكوينية، ومن الممكن أن يخالفها الناس.

أما بشأن الأمور التي يمنعها الله تعالى منعاً شديداً، فهي الاستسلام لإرادة الطغاة، لقول الإمام الحسين “هيهات منا الذلة”، حيث إن الإنسان المجاهد، كما يؤكد السيد السندي، لا يقبل الاستسلام والذل، وأنه لو خُيّر بين الموت العزيز والحياة بذلة، فإنه يختار الموت.

لا يدخل اليأس إلى القلوب

وقال السندي “حين يخيّرنا الطاغية بين الذلة والموت، فإن المؤمنين من أتباع الإمام الحسين يختارون المواجهة، ولو كلفهم ذلك حياتهم وحريتهم”.

وتوجه السيد السندي إلى شعب البحرين وشبابه، داعيا إياهم للثبات، وألا يدخل اليأس إلى قلوبهم، وألا يسمحوا للضعف والهوان بأن يسيطر عليهم. كما دعا المعتقلين، ومهما طالت “الليالي عليهم” بألا يصابوا بالتعب، وأنه لا ينبغي أن يضعفوا لإرادة الطاغية وألا يخضعوا له.

وأكد السيد السندي بأن الاستسلام يعني “تمكين الظلم” والمساهمة في ظلم النفس.

وأوضح بأن المؤمن أمام خيارين، إما المواجهة أو الرحيل والهجرة من غير الاستسلام إلى مكان آخر في حال لم يكن الحال مناسباً للمواجهة، ولكن مع العمل من أجل الإعداد للمقاومة.

وذكر السيد بأن الإمام الحسين بن علي لم يكن يرغب في الحرب العسكرية، ليس خوفاً، وإنما كان يخشى دخول مقاتليه في النار بسببه، ولذلك كان يبكي وهم يحاربونه ويقتلونه ويقتلون أهله وأصحابه.

ولكن الإمام لم يكن أمامه من خيار غير المواجهة، وعدم الاستسلام، لأن الذلة مرفوضة رفضاً كلياً وبشكل قطعي، لأن الله تعالى أبى أن يذل المؤمن نفسه.

لا مبررات للذلة

وقال السيد السندي “ليس من خياراتنا أن نقبل الذل، تحت مبرر الواقعية، أو فن الممكن، وأننا لا نستطيع أن نغير شيئا. فالله تعالى يأبى ذلك”.

وأكد السيد بأن الإمام الحسين “قطع الطريق على كل الناس، فقدّم نفسه قرباناً من أجل العزة”.

وقدم السيد السندي مثالين معاصرين لرفض الذلة والإباء، الأول موقف الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الذي رفض كل العروض والمساومة على موقفه، ورفضَ كل المبررات للخضوع للنظام الصدامي، وأنه رجّح الشهادة على كل ذلك.

والمثال الآخر هو الشهيد الشيخ نمر باقر النمر، الذي رفض التراجع عن مواقفه وامتنع عن العروض التي قُدّمت له للاعتذار من أجل إلغاء حكم الإعدام، وكذلك إصراره على أهله بعدم رفع أي طلب أو التماس بهذا الخصوص.

وفي ختام الكلمة، شدّد السيد السندي على أن كربلاء باقية وحاضرة، وأننا نستلهم منها الإباء والعزة والشموخ.

وقال بأن “الساحات كلها مدارس كربلاء، وتحمل قضية كربلاء”، مشددا على عدم اللجوء إلى أي تبريرات للتهرب من حمل المسؤولية، والقبول بحياة الذل، وأن يكون الشعار هو شعار الإمام الحسين: “موت في عز، خير من حياة في ذل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى